X سُعداء بتواجدكم بيننا ونتمنى لكم قضاء وقت ممتع ، نأمل منكم زيارة صفحة شروط الإستخدام ، تفضلوا مشكورين بالتسجيل*** اضغط هنا *** لإثراء الجميع بخبراتكم السياحية
Loading...



عدد المعجبين10الاعجاب
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 31-10-2015, 02:49 AM   #1

حيث يعمل المبدعون

الصورة الرمزية فريق التطوير
 
تاريخ التسجيل :  Jan 2015
رقم العضوية : 1046
الجنس : ذكر
المشاركات : 685



افتراضي


الحلقة الثالثة والتي سأقوم بسرد تفاصيلها في هذا التقرير تنطلق أين انتهت الحلقة السابقة، أي من قرية بييا أوهغين، وتتجه شمالا. بقية الحلقات سأحاول نشرها بانتظام في الأسابيع المقبلة. أتمنى أن يعجبكم التقرير.



الحلقة الثالثة

خريطة الحلقة





29ـ1ـ2013

بييا أوهغن Villa O' Higgins ـ Rio Bravo ريو برابو: 102 كلم
في الطريق الجنوبي

استيقظت في الصباح ورأيت أن لا وجود لخيمة الكلومبيان. فقد انطلقا باكرا ليلحقا بآخر رحلة للمركب الذي ينطلق من رِيُو بْرَابُو على بعد حوالي 100 كلم شمالا ويعبر فْيُورْدْ مِيتْشِلْ Fiordo Mitchel إلى پْوِيرْطُو يُونْغَايْ Puerto Yungay. أما أنا فكنت أريد البقاء يوما آخر للتجول في المنطقة. اتجهت إلى قاعة المخيم فلم أجد أي أحد من المشرفين. كنت أريد إعداد الفطور لكن لا تجربة لي بالموقد الذي كان هناك والذي يشتغل بالخشب. كنت قد عرفت أن مَاوْرِسْيُو، وهو أحد المشرفين على المخيم، يعمل بإذاعة محلية فقصدتها. كان الراديو مشغولا بإذاعة خطابات خاصة. فبسبب انعدام التغطية خارج البلدة، فكل الإتصالات مع المزارع والمساكن المتناثرة في أرجاء هذه المنطقة تتم عبر الراديو. وفي باب الإعلانات كنت أستمع لفلاح يعلن أنه سيذبح بقرة يوم الجمعة المقبل ويعلن فتح لائحة لتسجيل للراغبين في شراء اللحم.

تصفحت كتابين للونلي پلانيت Lonely Planet كنت اشتريتهم في أواخر التسعينات استعدادا لرحلتتي الأولى إلى أمريكا الجنوبية فلم أجد شيئا حول بييا أوهغين Villa o' Higgins. كانت هذه المنطقة أدغالا وجبالا تكسوها غابات كثيفة وتتخللها مستوطنات صغيرة ومنعزلة ولا ترتبط ببقية الشيلي إلا عن طريق عن طريق الأرجنتين عبر ممرات جبلية خاصة للدواب. وفي مرشد سياحي آخر نشر عام 2002 اشتريته لرحلة أخرى قمت بها عام 2003 أقرأ أن الطريق الجنوبي الذي ابتدأ شقه في پويرطو مونط قد وصل إلى پويرطو يونغاي وأن هناك مشروع لإمداده حتى يصل إلى هذه القرية التي أتواجد فيها اليوم: بييا أوهغين. أما اليوم فالطريق قد وصل، وبييا أوهغين أصبحت قاعدة لتنظيم رحلات لزيارة الحقل الجليدي الجنوبي ورحلات مشي في الغابات المجاورة لاستكشاف الحياة البرية. لكن لا يزال جو العزلة يخيم علي البلدة ولا ترى حشود السياح يتجولون في شوارعها كما في إِلْ تْشَالْتِنْ أو إِلْ كَلَفَاتِي مثلا. وهذا راجع لبعدها وسوء حالة الطريق وكونها تقع على طريق مسدود، حيث أن الطريق ينتهي هنا ومن يقصدها يظطر للعودة بنفس الطريق من جديد ولمئات الكيلومترات حتى يجد إمكانيات أخرى لتغيير المسار.

اصطحبني مَاوْرِسْيُو Mauricio إلى المخيم فأشعل الموقد. وبعد الفطور أحسست بالطريق الجنوبي وكأنه يناديني. فراجعت رأيي السابق وقررت أن أنطلق اليوم فهيأت وجبة للطريق وأطلقت عنان الدراجة. كانت حالة الطريق متوسطة. بالرغم أنه كان غير معبد فهو صلب وكنت راضيا على السرعة. من حولي كانت تتناوب المناظر الرائعة، فكنت تارة أسير في غابة كثيفة، وتارة على ضفة بحيرة أو بجانب نهر يجري وكانت الجبال مكسوة بالثلوج وعلي سفوحها تسيل العديد من الجداول الصغيرة فتلتقي عند أسفل الجبل وتكون شلالات رائعة. قبل رِيُو بْرَابُو بحوالي 20 كلم تغير الطريق فصار يعتلي مرتفعات ثم ينزل حتى يصل إلى مستوى النهر ثم ينعرج ويطلع من جديد. كان الصعود يتطلب جهدا كبيرا. أما أثناء النزول فكان يجب اتخاذ كامل الحذر. وذلك لسهولة الإنزلاق والسقوط. وهذا اختلاف كبير بالمقارنة مع الطرق المعبدة حيث تستطيع أن تنزل بسرعة عالية فتعوض ما خسرته أثناء الصعود.

بعد ساعتين وصلت إلى مرسى ريو برابو Rio Bravo الواقعة على فيورد ميتشل Fiordo Mitchel فوجدت مكانا جميلا لإعداد الخيمة إلى جانب بناية ظننت في أول وهلة أنه مكتب للشركة التي تنظم العبور. لما أنهيت من إعداد الخيمة قصدت تلك البناية لأرى هل أجد هناك معلومات حول أوقات العبور، فاكتشفت أنها قاعة للإنتظار وكانت مفتوحة. آه! لو علمت ذلك قبل إعداد الخيمة لوفرت علي بعض العمل! لكن لا بأس.

كان الليل جميلا. هيأت فنجان قهوة وقضيت بعض الوقت لتحميل وترتيب الصور، فكان ما كان واستسلمت للنوم العميق.


- الطريق إلى رِيُو بْرَابُو Rio Bravo











30-1-2013

ريو برابو Rio Bravo ـ ضفاف نهر Baker باكر: 30 كلم

استيقظت من النوم على صوت محركات تزأر بقوة، فاستنتجت أن الرحلة الأولى للعبارة القادمة من الضفة الشمالية قد وصلت، وأن الصوت يأتي من محركات السيارات وهي تغادرها، إذ أن الطريق يبدأ في الطلوع بمجرد الخروج. بعد وقت قليل انقطع صوت المحركات فاستسلمت للنوم لأستيقظ بعد ذلك من جديد على نفس الصوت. إلا أنه هذه المرة فقد كان صوتا ضعيفا بالمقارنة مع السابقة. لا شك أنها السيارات وهي تنزل إلى المرسى لتدخل للعبارة. تقلبت في الفراش مرة ثم مرتين فنهضت وفتحت باب الخيمة وخرجت فوقفت أتمدد و أتثاءب وأنظر إلى العبارة أمامي. كان الربان واقفا على ظهر الباخرة يراقب عملية الركوب، وما إن رآني حتى بدأ يصيح إلي، ولكن لم أكن أستطيع سماعه، فاقتربت من الرصيف وعملت حركة باليد أستفسره عما قال فصاح: قلت لك هيا إسرع إسرع إذا أردت العبور الآن فصحت إليه ومتى ستنطلقون؟ فرفع يديه وأشار بأصابعه وهو يصيح: عشر دقائق فسألته: ومتى ستنطلق الرحلة المقبلة؟ فأجاب: الواحدة بعد الزوال فصحت: سأنتظر المقبلة... رحلة سعيدة ثم اتجهت إلى قاعة الإنتظار لأهيء الفطور .
مشكلتي هي أنني لا أستطيع الإنطلاق بدون فطور وعشر دقائق لا تكفي لجمع الأمتعة والفطور. فطوري اليوم يتكون أساسا من ثلاث ساندويشات: سندويش بالبيض المقلي في زيت الزيتون، سندويش ثاني بالجبن وثالث بالعسل أو كرميل الحليب. وشرابي المفضل هو الشاي المغربي المنعنع، فقد أخذت معي أربعة علب تحتوي في المجموع على 100 وحدة. وهي كافية لكل الرحلة. أما بعد الفطور وفي الليل أيضا فأفضل شرب القهوة.

كان الناس يتقاطرون شيئا فشيئا على المرسى وكانت أغلب السيارات من ذات الدفع الرباعي لسياح شيليين أو أجانب وهم يغامرون عبر الطريق الجنوبي فكنا نتعارف ونتحدث عن مغامراتنا فمضى الوقت بسرعة. وصلت الرحلة الثانية فنزل الراكبون وعلى الساعة الواحدة كانت العبارة تغلق بابها استعدادا للإبحار. وصلنا إلى الضفة الشمالية وكان هناك مطعما فقصدته. لم أكن بحاجة للأكل بعد فشربت قهوة وكايك واشتريت وجبة للطريق وانصرفت. ولما خرجت رأيت رجلا في الساحة أمام المطعم وكان يقترب مني بخطا ثقيلة ويردد بصوت ضعيف كلمات لم أفهمها. ولما اقترب أكثر أدركت أنه يخاطبني بالفرنسية! فقلت له بنفس اللغة: أتظن أنك في پاريس Paris أو إكس أون پروفانس Aix en Provence فتخاطبني بالفرنسية؟ فرد: إني أريد التواصل ولا أتكلم إلا الفرنسية، ولما رأيتك حدست أنك تفهم هذه اللغة وبدأت في الكلام هكذا كان هذا Marsot مَارْصُو، رجل فرنسي في مقتبل العمر. أتى إلى الشيلي لزيارة ابنته التي تسكن في مدينة بَالْپَرَايْصُو Valparaiso، فاشترى دراجة وانطلق لاستكشاف الطريق الجنوبي. دردشنا قليلا فانطلقت لمواصلة السير في اتجاه كُوكْرَنِي.

شرعت في الصعود وقبل أن أعتلي الجبل الذي يشرف على پْوِيرْطُو يُونْغَايْ التقيت بمجموعة من الدراجين يسيرون في الإتجاه المعاكس. كانوا من مختلف الجنسيات، وكان معهم زوج أمريكي بدآ رحلتهما في أَلاَسْكَا قبل عام ونصف وكان هدفهما هو الوصول إلى أُوصْوَايَا ليكونا قد اجتازا القارة من شمالها إلى جنوبها. كنا ما زلنا ندردش حينما مرت بنا مجموعة أخرى ، فصاح أحدهم بالذين كانوا يدردشون معي : إسرعوا إسرعوا فالعبارة ستنطلق حالا ثم ودعوني فانطلقوا متسارعين إلى أسفل الجبل.

ٱستأنفت الطريق، فكنت كلما اعتليت جبلا إلا وظهر جبل جديد فابدأ الصعود من جديد، ولكن مهما طال الصعود فلا بد أن يتبعه النزول. وفعلا شرعت في النزول وطال النزول أيضا حتى أشرفت على وادي بَاكِرْ، فأصبح الطريق مسطحا. بعد الغروب شرعت في تفحص جنبات الطريق بحثا عن مكان للاستراحة الليلية. ولما رأيت مكانا جميلا على ضفة الواد لم أتردد فتوقفت فنصبت الخيمة واستسلمت للنوم العميق.
- صعود، نزول، ٱنعراج، لف، دوران بلا نهاية وفي أقصى درجات العزلة








- نهر باكر










31-1-2013

ضفاف نهر باكر ـ قرب مدينة كُوكْرَنِي: 86 كلم

لقد نسيت أن أشتري مزيدا من الخبز من پْوِيرْطُو يُونْغَايْ عند نزولي من العبارة. والذي اشتريته في بِييَا أُوهِغِينْ Villa O' Higgins يوشك على النفاذ. ربما سأضطر إلى إعداد فطائر لتعويض الخبز حتى أصل إلى كُوكْرنِي. فعلى طول المسافة بين بِييَا أُوهِغِينْسْ و Cochrane كُوكْرَنِي (220 كلم) لا يوجد إلا مكان واحد للتبضع، وهو پْوِيرْطُو يُونْغَايْ Puerto Yungay عند النزول من العبارة. سأرى ماذا أفعل في حينه.

عند منتصف النهار التقيت بدراج ياباني في الإتجاع المعاكس، ولما سألته عن حالة الطريق، بدأ يحرك يده في شكل أمواج. وبالفعل فقد بدأت حالة الطريق تسوء وأصبحتُ أسير وكأنني على أمواج. هذا طبعا يؤثر على السرعة وسيأخر وصولي إلى كُوكْرَنِي. وصلت إلى نهر بَرَّنْكُوصُو Barrancoso وكان هناك ملجئ فقررت أن أتوقف لاستراحة الغذاء. مرت بي مجموعة من الدراجين وكانوا قادمين من كُوكْرَنِي Cochrane فوقفوا للدردشة وتبادل أخبار الطريق فبشروني بالإقتراب من المدينة وفي الوقت نفسه أنذروني بصعوبة الطريق. وبالفعل فقد كان الطريق يلتوي ويطلع لعدة كيلومترات، وكانت الحالة السيئة التي كان عليها بفعل التموج تزيده صعوبة.

أسدل الليل ستاره وكنت على مشارف كُوكْرَنِي، فاخترت مكانا مناسبا لنصب الخيمة، واستسلمت للنوم العميق

- لقاء مع دراج ياباني: !We like it





- مناظر من الطريق











- ارجنتيني، فرنسيان وزوج كندي







1-2-2013

قرب مدينة كُوكْرَنِي Cochrane ـ Puerto Bertrand پْوِرْطُو بِرْتْرَانْدْ: 54 كلم



كنت هذا الصباح مجبرا على الإنطلاق بدون فطوري المعتاد، فالخبز كان قد نفذ وكنت مخيما بالقرب من كوكرني ولذلك لم أكلف نفسي عناء إعداد الفطائر لتعويض الخبز. شربت يوغورت Yoghurt سائل مع كعكة وٱستأنفت الطريق فوصلت إلى كُوكْرَنِي في ظرف ساعة. كانت مدينة صغيرة إلا أنها كانت تتوفر على أبناك ومتاجر كبيرة وتتوسطها ساحة واسعة. هنا كان يصل الطريق الجنوبي حتى أواخر التسعينيات. اتجهت أولا إلى البنك لأسحب مزيدا من الدعم لصندوق الإحتياط. تكللت العملية بالنجاح وبعد ذلك اتجهت إلى سوپرماركت وكان يقابل البنك ويقع على الجهة الغربية للساحة. وبينما كنت أسير عبر الساحة وأدفع الدراجة فإذا بي أرى الفرنسي مَارْصُو الذي التقيته قبل ثلاثة أيام في پْوِيرْطُو يُونْغَايْ. كان واقفا على بعد بضعة أمتار من سيدة تبيع المُربَّى على منصة في إحدى جنبات الساحة وكان يحمل في يده اليسرى وعاء مربى وقد فتحه فيغمس فيه أصبع يده اليمنى ويخرجه فيتفحصه بتمعن فيلحسه وملامح وجهه تقول: إنه ألذ مربى أكلته في حياتي! فناديته:مَارْصُو! أهلا وسهلا! أدار وجهه إلي فابتسم وهو يقول عليك بهذا المربى فإنه ألذ مربى أكلته في حياتي بالإضافة إلى أنه مصدر مهم للكالوريات فقلت:إني أصدقك مئة في المئة. ولكن لا أراها تبيع إلا الأوعية الكبيرة وأنا لا أريد المزيد من الثقل في هذا الطريق السيء. ولكن إحكي لي: كيف استطعت الوصول إلى هنا قبلي وقد تركتك ورائي؟. فأجاب: لقد تعرفت على سائحين كنديين بالكارافان وكانوا في طريقهم إلى هنا فدعوني للركوب معهم فقبلت الدعوة . فقاطعته: ;إنك تغش، فالدراج لا يجب أن يركب وسيلة أخرى من غير الدراجة. فأجاب: ;لا لا فأنا لست متشددا إلى هذه الدرجة وليس لدي كل الحاجيات الضرورية كالخيمة واللباس الواقي لأغامر إذا كان الجو يهدد بالمطر. لذلك فأنا أستعمل الدراجة أحيانا وأخرى أركب الحافلة تودعنا، فاتجهت إلى سوپرماركت واشتريت ما كنت أحتاج إليه فاستأنفت الصعود والنزول في اتجاه قرية پْوِيرْطُو بِيرْتْرَانْدْ Puerto Bertrand. وقد وصلت إليها عند الغروب فنصبت الخيمة على ضفة البحيرة واستسلمت للنوم العميق.


- نهر باكر من جديد







2-2-2013

پْوِيرْطُو بِرْتْرَانْدْ ـ قرب Puerto tranquilo پْوِيرْطُو طْرَانْكِلُو: 60 كلم

لليوم الخامس على التوالي وأنا أسير في الطريق الجنوبي. إنها متعة ولو أن الطريق يتطلب جهدا وتركيزا كبيرين. بينما كنت أكافح لصعود مرتفع، التقيت بسيارة فناداني صاحبها: واصل.. وثابر فمكافأتك منظر رائع عند نهاية المرتفع وحينما اعتليت المرتفع كنت حقا أمام أجمل لوحة طبيعية وكانت متمثلة في بحيرة جميلة محاطة بجبال شاهقة تكلل الثلوج قممها. إنها بحيرة خِنِرَالْ كَارِّيرَا. وصلت إلى هناك عند العصر فقررت أن أحط الرحال على ضفتها وأختم رحلة اليوم في أحضان هذا المنظر الجميل. هنا بدأت حركة السيارات تكثر نسبيا وذلك لوجود ممر حدودي بالقرب من هنا
- مناظر من قرية پْوِيرْطُو بِرْتْرَانْدْ















- الغاوتشو Gaucho = Cow boy وأبقاره







الإشراف على بحيرة خِنِرَال كَرِّيرَا General Carrera
















- الطريق المموج




3-2-2013

قرب پْوِيرْطُو طْرَانْكِلُو - الغابة: 75 كلم
دردشة مع الراعي لُورِنْصُو Lorenzo

جمعت أمتعتي فركبت الدراجة وانطلقت في مشوار جديد. كانت تفصلني 6 كلم على بلدة پْوِيرْطُو طْرَانْكِيلُو Puerto Tranquilo. إسمها يعني الميناء الهادىء، ولكن، بينما كنت أقترب منها وهي ما زالت متوارية وراء تل، كنت أسمع هرجا ومرجا لا يعكس تماما معنى هذه الكلمات. على ما يبدو فالميناء الهادىء قد أصبح هائجا هذا اليوم! أشرفت على القرية وتبين لي على الفور مصدر ذلك الهرج والمرج. فمن فوق التل كنت أرى حلقة الروذيو Rodeo وهي في ذروة النشاط. على منصة مغطاة تعتلي المدرج كان يجلس المنشط. وعبر مكبرات الصوت كان صوته ينتشر في كل أرجاء البلدة، وكان الجمهور يصفرون ويهتفون ويصفقون في حماس. في الحلبة كان فرسان الغاوتشو يتبارون، وخارجها كان آخرون يستعدون للدخول، وآخرون يغادرون وهم يتصايحون ويقهقهون، وكلهم في أجمل حلة وقد وضعوا على أكتافهم برانيص (Poncho) بمختلف الألوان وعلى رؤوسهم قبعات شمسية (Sombreros) .

وصلت إلى مكز البلدة فتوقفت لشراء بعض الحاجيات ثم واصلت الطريق. كانت الشمس تدنو من المغيب حينما وصلت إلى مفترق الطرق قرب بَاهِيَا مُورْتَا Bahia Murta. كان هناك ملجئا فتوقفت لاستراحة الأكل والقهوة. بينما كنت أعد القهوة فإذا بي أرى رجلا ينزل من منحذر امامي ويتجه إلي وهو يتكأ على عصا.حياني فاستأنف مباشرة: ما أسوأ حظي هذه الأيام.. ما أسوأ حظي! هل حصل لك يوما أن تتمنى شيئا فلا تجده، وتجده حينما لا تتمناه؟ فسألته: ماذا حصل؟ فقال لقد قضيت أربعة أيام في الأسبوع الماضي مع باحث فرنسي نجوب هذه المرتفعات للبحث عن الپوما. فأنا أعمل هنا كراع بقر منذ أن كان عمري 12 سنة وأعرف المنطقة بكل شعابها. لقد دفع لي 80 ألف پيصو لأرشده في هذه الجبال بحثا عن الپوما لكن بدون جدوى. أربعة أيام و 80 ألف كلها ذهبت عبثا. والآن وبينما أنا في طريقي إلى هنا فإذا بي أراه يتسلل بين الأشجار فصحت به: اللعنة! أين كنت مختبئا حينما كنت أبحث عنك فقاطعته: ياإلهي! هل يوجد الپوما هنا أيضا؟ وماذا تفعل حينما تراه؟ فأجاب: إسأل بالأحرى: ماذا يفعل الپوما حين يراني. يهرب.. يذهب إلى حال سبيله فسألته: وماذا عن القصص التي سمعتها تتحدث عن أناس اعتدى عليهم أو افترسهم الپوما؟ فأجاب: نعم، يجب أن تحذر إذا كانت أنثى بصغارها. أما في الحالات العادية فلا داعي للخوف فسألته: وهل ممكن أن ألتقي به في الطريق؟، فأجاب: ;في هذا الوقت لا. فهو يتحاشى لقاء البشر ويلتجئ إلى المرتفعات المنعزلة، أما في فصل الشتاء فممكن. حيث أن الجبال تكون كلها مكسوة بالثلوج وتظطر حيوانات الغابة إلى النزول إلى السهل، فيتبعها الپوما أيضا وتجده أحيانا يفترس غنمنا كذلك فيصبح عدونا اللذوذ. أما الآن فنحن في هدنة مؤقتة

دعوته لشرب القهوة، فسألني من أين أتيت وأين أقصد، فأجبته أنني من المغرب فقال: نعم..نعم أعرف ذلك البلد فهو يقع جنوب إسپانيا على البحر المتوسط وينتمي للدول العربية. إنني شغوف بكتب التاريخ والجغرافية لذلك أعرف كثيرا عن دول العالم. أما الروايات فلا أحبها. إنها كلها هرا

شرب القهوة فبدأ يستعد للذهاب: سأذهب لأبيت عند صديق في باهيا مورتا، فغدا عندي موعد مع الطبيب في الصباح الباكر.. لذلك تراني قد غادرت اليوم منزلي في الجبل لأبيت عند صديقي. إسمع، لا أعرف ما هو برنامجك، ولكن على بعد 30 كلم من هنا سترى منزلا بالقرب من الطريق وهو لأحد أصدقائي وهو رجل كريم ومظياف. إنني متأكد بأنه سوف يرحب بك إذا طرقت بابه طالبا المبيت. قل له لقد أرسلك لُورِنْصُو Lorenzo"

توارى لُورِنْصُو شيأ فشيئا في الطريق المؤدي إلى بَاهِيَا مُورْتَا Bahia Murta، واستأنفت أنا الطريق الذي أصبح الآن يسير على ضفة نهر مورتا Murta. غربت الشمس وأسدل الليل ستاره وأنا مازلت أسير على ضفة النهر. فجأة، سمعت نباح كلاب يأتي من الظلام، فقلت لا شك أنني الآن أمر بالقرب من منزل صديق لُورِنْصُو. فعلا، كانت المسافة 30 كلم. لكن لم أطرق الباب وواصلت الطريق وكان يطلع ويفترق عن النهر، وبعد بضعة كيلومترات وجدت مكانا مناسبا للتخييم فحطيت رحالي واستسلمت للنوم العميق.


- على مشارف پويرطو طرنكيلو Puerto Tranquilo







- الروذيو في پويرطو طرنكيلو




- بالقرب من باهيا مورتا Mahia Murta





4-2-2013

الغابة ـ قرب Villa Cerro Castillo بِييَا صِرُّو كَاصْتِيُو : 50 كلم
الطريق الجنوبي: مزيج من المتعة والمعاناة.

أحسست اليوم أنني لا أتقدم كثيرا في هذا الطريق. إنه يتطلب مجهودا وتركيزا كبيرين في جميع الحالات، أكان طالعا، نازلا أم منبسطا. لذلك فإنه يسبب أحيانا نوعا من الإحباط. وهذا هو ما كنت أشعر به هذا اليوم. انطلقت من المكان الذي قضيت فيه الليل فبدأت أنزل حتى وصلت مستوى نهر إِبَانْيِصْ فتحولت حالة الطريق من سيء إلى أسوأ. كان الطريق منبسطا، ولكن غطائه كان رخوا وحجم الحصى كان كبيرا فأصبح من المستحيل ركوب الدراجة فكنت تارة أركب وتارة أترجل وأدفع، وذلك لعشرات الكيلومترات. التقيت بدراجين أستراليين يسيرون في الإتجاه المعاكس فبشروني بالأسفلت على بعد نحو 30 كلم. إنها مسافة صغيرة. ولكن، ونظرا لسوء أحوال الطريق فإنني كنت أراها كبيرة. إنه إحباط لا يتصور! فكنت تسمعني أتذمر وأشتم وألعن على طول الطريق. ومن جانب آخر فالمناظر كانت رائعة وطعمها كالعسل، فتجعلك قادرا على تحمل مرارة الطريق. إنه الطريق الجنوبي: متعة ومعاناة في آن واحد! إن هذه الصعوبات والتحديات هي بالظبط ما يضفي على مثل هذه الرحلات روح المغامرة. هناك مشروع لتعبيد هذا الطريق على عدة مراحل تستغرق بضعة سنوات. لذلك فقد قرأت تقارير لدراجين مروا من هنا قبلي فكانوا ينبهون إلى هذا المشروع وينادون من يريد السفر عبر هذا الطريق أن يعجل بالرحلة قبل يُعَبَّد. وهم بذلك يقصدون أنه بتعبيدها سوف تفقد ميزة المغامرة التي تتسم بها الآن.

لم أكن راضيا بإنجاز اليوم، وكنت أيضا مرهقا فهذا هو اليوم التاسع على التوالي دون استراحة وبتقدم بطيء. بعد المغرب بقليل، و بينما كنت أترجل وأدفع الدراجة، توقفت عندي سيارة فدعاني صاحبها للركوب معه إلى بِييَا صِرُّو كَاصْتِيُو Villa Cerro Castillo. لكن هدفي لم يكن الوصول إلى تلك القرية بكل وسيلة، فشكرته فواصل طريقه. وبعد حوالي ساعة كنت قد أشرفت على القرية. فوجدت مكانا مناسبا لقضاء الليل، فأعددت الخيمة واستسلمت للنوم العميق.

- هاهو المكان الذي قضيت فيه ليلة أمس. جميل هاديء وآمن




- ماذا أصاب هذه الغابة؟





- على ضفاف نهر إِبَانْيِصْ Ibanez




- طريق العذاب




- جبل البرج (2675 متر) Cerro Castillo




5-2-2013

بِييَا صِيرُّ كَاصْتِيُو Villa Cerro Castillo ـ Coihaique كويايكي: 84 كلم
الدراجة والكلاب

لا أعرف ما أصل العداوة التي أراها قد نشأت بين الدراجة والكلاب، فبمجرد رأيتهم لها إلا وينطلقون ورائها فينبحون ويحاولون عض عجلاتها أو الدواستين أو قدمي راكبها. قرأت كثيرا من التقارير لدراجين يشكون من تعرضهم لهجوم من طرف الكلاب الضالة وخاصة في المناطق الآهلة بالسكان. وهناك أيضا من أدخلته المستشفي. إحدى الخطط المقترحة لمواجة أي هجوم من هذا النوع هي التوقف والترجل ببطئ حتى تبتعد أو تتوارى عن الكلب. هناك أيضا من يحمل عصا طويلة مخصصة لردع الكلاب. وأخيرا هناك جهاز إلكتروني يصدر موجات فوق الصوتية فيزعج الكلب ويجبره على الحد من الملاحقة. فيما يخص تجربتي فلحد الآن أعتبر نفسي محظوظا إذ أن الكلاب قليلة في هذه الأراضي القليلة العمران. الحادثة الوحيدة التي تعرضت لها كانت في اليوم الثالث من رحلتي وكان ذلك بين تولوين Tolhuin وريو غراندي Rio Grande. كنت أسير في طريق محاذي لشاطئ البحر ففوجئت بكلب ينبح ويحاول عض قدمي. لقد بدا وكأنه قد سقط من السماء. إذ لم يكن هناك عمران ولم آراه إلا وهو عند قدمي. ذعرت فكدت أفقد التوازن فركلته فهرب وقطع الطريق في الوقت الذي كانت فيه سيارة تأتي من ورائي فكادت تصدمه وتفادته بصعوبة. كنت أتسائل من أين أتى ذلك الكلب، فالمنطقة كانت مهجورة تماما. لكن ألقيت بنظرة على الشاطئ فرأيت كوخا وحيدا على شاطئ يمتد إلى اللانهاية، فقلت أنه ربما أتى من ذلك الكوخ عندما رآني وأنا أقترب

كنت أفكر في هذه الحادثة حينما كنت أغادر بِييَا صِرُّو كَاصْتِيُو Villa Cerro Castillo هذا الصباح وأمامي كنت أرى كلبا واقفا بجانب الطريق وكأنه كان ينتظر مروري للشروع في النباح والملاحقة. كنت أيضا أفكر في خطة لصد الهجوم. لكن بينما كنت أقترب منه وأتفحص ملامح وجهه لاستخبار نواياه لاحظت غياب ذلك التعبير العدواني الذي كنت أتوقع في مثل هذه الحالة. فقد كان وجهه يرسم ابتسامة كلبية وذيله يتحرك يمينا ويسارا وكأنه كان يستقبل أحدا من أهله! ظننت أنها خدعة حرب فأخذت كل الإحتياط وأنا أقترب منه. لكن ما إن مررت به حتى انضم إلى الطريق وصار يتبعني. لقد أصبح الآن رفيق طريقي. ولكن كان كلما مرت سيارة إلا وانطلق يجري نحوها ينبح ويحاول أن يعض عجلاتها! كنت أتصورغيظ السائقين وهم يحاولون تفادى الاصطدام به. ولم أستبعد أنهم كانوا يشتمونني ظانين أنه كلبي. ثم شرعت في تلقينه دروس ظبط النفس، فكنت كلما رأيت سيارة تقترب حتى أقف فآمره بالخروج من الطريق والتزام السكون فيطيعني. أطلقت عليه إسم پِيرُّو Perro وهي كلمة تعني كلب بالإسپانية. فكنت أصيح إليه وأشير: پيرو! إلى الجانب فيخرج من الطريق پيرو! إجلس فيجلس ساكنا. لا أعرف ما إذا كان يتبع نبرتي الآمرة أم إشاراتي أم أنه كان يفهم كلماتي. لكن بالنسبة لي فقد كان ذلك نوع من التسلية خصوصا وقد بدأت اليوم أسير على الأسفلت ونسيت إحباط طرق التراب و الحصى.


ابتعدنا من صرو كاصتيو، فأمرته أن يعود إلى أهله فرفض. ثم شرعت في صعود ممر جبلي ولما اعتليته فكرت في حيلة للتخلص منه، وهي أن أعطيه طعاما ثم أنطلق بينما هو يأكل. إلا أنه حينما رآني أنطلق ترك الأكل جانبا وتبعني! ما العمل إذن وقد ابتعدنا الآن كثيرا من بييا صرو كصتيو؟ شرعت بالنزول فضاعفت السرعة، وكنت أنظر في المرآة فأراه يجري ورائي ولكن المسافة بيننا كانت تكبر وتكبر وتكبر وكان حجمه في المرآة يصغر ويصغر ويصغر حتى توارى إلى الأبد. وداعا.. پِيرُّو Perro!

أسدل الليل ستاره وبدأت أبحث عن مكان لحط الرحال، فوجدت مكانا جميلا فوق شلال وكان خرير المياه يداعب أوتار سمعي برفق ويدندن أغنية النوم فٱستسلمت للنوم العميق

- بِييَا صِيرُّ كَصْتِيُو Villa Cerro Castillo وبداية الأسفلت. ياليل ياعين!!!




- صعود طريق حلزوني أو بالأحرى ثعباني




- رفيق الدرب: پِيرُّو Perro





- ما أجمل الهبوط على الأسفلت




6+7+8 -2-2013

مواصلة الطريق فاستراحة في كويايكي Coihaique

استيقظت في الصباح خرجت من الخيمة فبدأت أتفحص المكان عسى أن يكون پيرو قد لحق بي في الليل فلم أجده. إذن لقد عاد إلى أهله. حسنا فعل! بعد الفطور واصلت المسير وأتممت الكيلومترات القليلة إلى كويايكي. عند الوصول سألت فدلوني على مخيم عند المدخل الشمالي للمدينة فقصدته. كان المخيم صغيرا ويقع على ضفة نهر فكان خرير المياه هو الصوت الوحيد الذي يخترق السكون. أما جيراني في المخيم فكانت عائلة ألمانية شابة تتكون من أب وأم وطفلين في الثانية والثالثة من عمرهما وهم أيضا في رحلة بالدراجات الهوائية عبر الشيلي والأرجنتين! قررت أن يكون هذا مكان إقامتي لبضعة أيام. كنت حقا محتاجا للإستراحة. فأخر يوم استراحة كان في إِلْ تْشَالْتِنْ قبل عشرة أيام

تعتبر كُويَايْكِي أكبر مدينة على طول الطريق الجنوبي (1250 كلم). عدد سكانها يقدر ب 60 ألف نسمة وهي كذلك عاصمة إقليم أَيْسِنْ. إسمها مستمد من لغة السكان الأصليين تِيوِلْتْشِ Tehuelche ويعني المخيم الواقع بين الأنهار أسسست عام 1929 كموقع لدعم المستوطنين الذين قدموا لاستغلال هذه الأراضي وتحويلها إلى مراعي للغنم. قبل إنشاء الطريق الجنوبي في الثمانيات من القرن الماضي كان المنفذ الوحيد الذي يربط المدينة بباقي التراب الشيلي هو ميناء تْشَكَبُوكْو Chacabuco الذي يبعد عنها بحوالي 70 كلم ومن هناك تنطلق الباخرة إلي پْوِرْطْو مُونْطْ (تستغتق الرحلة حاليا حوالي 24 ساعة). هناك إمكانية أخرى عن طريق البر وذلك بالدخول إلى الأرجنتين ثم تتبع الطريق رقم 40 حتي بَرِلُتْشِي ثم الدخول إلى الشيلي من جديد. وهذه الإمكانية الأخيرة هي المفضلة عند من يريد تفادي الطريق الجنوبي الغير معبد ومن لا يستهويه السفر البطيء عبر البحر.

إلى يومنا هذا فقلة الطرق في هذه المنطقة لها انعكاسات مختلفة على حياة السكان. بعضهم ينظر إلى هذه الحالة بنظرة ايجابية ويفكر في خطط لتنمية المنطقة بطرق مستدامة تنسجم مع الخصائص الطبيعية التي تتميز بها ويرى في توسيع شبكة الطرق وتحسينها تهديدا لهذه المنطقة. البعض الآخر يرى أن قلة الطرق وسوء حالتها هو السبب في غلاء المعيشة ويطالب الحكومة بالإستثمار في تنمية المنطقة وفك العزلة عنها بتوسيع شبكة الطرق وتحسينها. في مثل هذه الأيام من السنة الماضية كانت المنطقة تمر بحالة عصيبة، إذ أن غضب الناس على سياسة الحكومة تجاه الإقليم تحولت إلى مظاهرات يومية وفي بعض الحالات كان المتظاهرون يضعون حواجز في الطرق مما أدى إلى شل حركة المرورو عدة مرات ولعدة أيام متتالية

على مشارف كويايكي Coihaique













- المخيم وجيراني الألمان في العمق




- دراجات الجيران




- شارع في كويايكي









هنا تنتهي الحلقة الثالثة. سأضيف بعض لقطات فيديو لاحقا. الحلقة الرابعة ستكون جاهزة قبل 4 مارس. شكرا لاهتمامكم.

 

q8ya metnaqlaمعجبون بهذا.
فريق التطوير غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
رحلة شكبم الى امريكا ( بقلم شكبم ) فريق التطوير بوابة امريكا 9 06-11-2015 06:29 AM
مسافر ماليزيا بمارس (لاتفوت مهرجان بوتراجايا الدولي للمناطيد الهوائية) himzmz ماليزيا 13 25-04-2015 11:52 AM

الساعة الآن 09:42 PM
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Friendly URLs by vBSEO