شبكة و منتديات العرب المسافرون

شبكة و منتديات العرب المسافرون (https://www.arabtrvl.com/vb/)
-   بوابة المغرب (https://www.arabtrvl.com/vb/f83.html)
-   -   ذِكريات المدينة القديمة تحت زخات المَطـر (https://www.arabtrvl.com/vb/t2528.html)

ساري أحمد 18-02-2015 02:10 PM

ذِكريات المدينة القديمة تحت زخات المَطـر
 
العرب المسافرون ـ المغرب





الحَديثُ عن المَغرب لا ينتهِ أبداً في ذاكرتنا وأحاديثنا
نحنُ نعشقهُ وهو يحبنا، يبادلنا المحبة في معادلةٍ من الدرجة (المجنونة)، يأخذني الحَنين ويرافقني الأنين إلى كل التفاصيل متمثلةً في تلك الأحياء الشعبية البسيطة وضجيج المركبات ، هنالك في المغرب سِر لا يعرف كنهه إلا العشاق .

ساقتني أقدامي إلى مثلجات (موطا) في شارع الحسن الصغير ، ذلك المقهى البسيط الذي يزخرُ بتفاصيل أخرى تحكي لك الجمال والدهشة التي تعقد لسانك ..!
هُنالك في الزاوية البعيدة شابٌ يطالع في الصحيفة والآخر ينفثُ دخان سجائره وتِلك تلاعب ابنها وتؤنبه كلما قام من على الطاولة وأنا وشقيقي نتأمل روعة المنظر .

كانَ التلفازُ يذيعُ نشرة الأخبار ومن المُسلم به بأن يكون هنالك بعض التعليقات من الحضور ما بين مؤيد ومعارض وغير مُبال .

كانَ الرعدُ ينشرُ الرُعب في بعض الأطفال بالخارج والبَرقُ جعل الغالبية العُظمى من المارين على الرصيف المجاور للمقهى يلجأون إلى أقرب مكان .

سبحان الذي يسبح الرعد بحمده ، والملائكة من خيفته وهو على كل شيء قدير.

إنها تُمطر يا سعد !!
لم يحرك ساكناً وراح يقلب صحيفته التي أدماها حِبراً وأحرق قلب الكلمات المتقاطعة بحثاً عن الحُلول..!

خرجتُ والشوق يدفعني وأدفعه يجذبني وأجاذبه لم أشاهد مطراً كهذا منذ سنين، اشتقتُ لذكريات الطفولة واللعب تحت المَطَر.

لا أحد من المُشاةِ على الأرصفة !!
وحيداً كنت تحت المَطَر ..!


سيارات الأجرة تمرُ كلمح البَصَر، والماءُ يكادُ أن يصل إلى الرصيف الآخر ، سيدةٌ واقِفة برفقة ابنتها تبللتا من المَطَر ولا أحد يَقِف، اشتد البرد وتغلغل في أعماق الأجساد والانتظار طويل هُنا ، كم وددتُ أن يقفُ أحدهم ..!

أشرتُ إليهن بأن يتوجهن إلى المظلة الكائنة في أقصى الرصيف قِبالة مخدع الهاتِف ، لكنهن واصلن السير حتى بلغن ذلك المقهى المقابِل.
لا اعلمُ كم سأمكثُ تحت المَطر رغم توقعي لنزلة البرد التي ستصيبني جراء هذا المَطر والبرد الذي جعل أطرافي تتراقصُ باحثة عن الدفء .



خَرج شقيقي ونظراته تطيشُ في الفضاء كيدِ طفلٍ تُنافس الكِبار في مأدبةٍ ما !!
أخذ ينادي : ساري مرة تلو الأخرى وهو أمامي لكنه لم يشاهدني أو لم يميزني ، أو خانهُ النَظر والعتبُ على النَظر ..!


دعنا نذهبُ من هنا فلقد تجمدت أطرافي .

وفي ذاكِرتي ما زالت الخضروات تدور حتى خُيل إلي بأني سأعدُ طبقاً (عقلياً) و ألتهمهُ دون توقف.

أين ركنت السيارة يا (أبو الشباب) ؟

أعني سعد ، قال : على رأس الشارِع من جهةِ موقف الحافلات.
هيا لنذهب لنأخذ بعض الخضروات .



ساري أحمد 18-02-2015 02:11 PM

رد: ذِكريات المدينة القديمة تحت زخات المَطـر
 
فيما مضى كُنت أمازح ابن خالي (هيثم) وأقول له : يا عسكري يا عسكري مسكين أنت يا عسكري ، تطبق كل شيء وتنفذ الأوامِر لكن سبحان الله في موقفي هذا لم أستطع إلا أن اضحك بيني وبين نفسي لأني أنا الآن في العسكرية الزوجية ومعسكر مجنونتي .

المطَر ينهمر بغزارة ونوافذ المركبة مؤصدة لكن لأخي رأي آخر !!
فتح جزءاً بسيطاً من النافذة لـ يشعل سيجارته !!
إنها تمطر يا (صاحبي) هل جننت ؟
قال : أجمل إحساس أمر به الآن !!

ولكم أن تتخيلوا المشهد والموقف !!

قال شقيقي : لا تنس الخضروات وخذ بعض (الطون) كي (أنقنق) عليها في المساء و جبن أصفر ومورتديلا و زيتون و زيت زيتون حبذا لو كان وادي سوس !!

تحالف البطون !!

يقول سعد : المغرب يبقى في الذاكِرة يتغلغلُ في الأعماق تحبه النفس ترتاحُ له وله الأرواح تنساق فيه سِر ،بهِ إكسير الجنون وهو التِرياق ، عشقتُ المغرب لدرجة لم أتوقعها بل بلغت بي مراحل الجنون مراتب الخَيال فوق أرائك الحَنين الدائم ، أكونُ في اشتياق دائم حتى وأنا بين ترابه كل شيء لدي غامض أحب أن اكتشفه ومهما اكتشفت فإني أغرقُ قبل بلوغ قعرِ الدهشة التي تعتريني لحسنِ هذا البلد وأهل البَلد وتفاصيله.

وأقول له : حينما أسافِر إلى المغرب وأعود أكونُ متعلقاً بالذكرى وأشحنُ ذاكِرتي وقلبي منه لئلا أفقد النبض العاطفي وأرتعُ في خيالي الخصب وأغدقُ على نفسي بالذكريات وأملأ رئتي بأوكسجينِ الدار البيضاء حتى حين موعد رحلتي القادِمة..!




بدأت دندنة سعد على أوتار الاشتياق لأزمور وجهة دكالة ، هُنا برمج العقل تلقائياً وحضر أبو فهد الدكالي في الذاكرة ، وقلتُ في نفسي : سعد الدكالي وأبو فهد الدكالي، قلتُ له لاحقاً ستذهب لا تخف ، وفي بداية شارع المقاومة على الجهة المقابلة توجد بعض المحلات الصغيرة ومحلبة في أقصى الزاوية ، ضحكت كثيراً حتى بادرني أخي بالسؤال والعتاب بسبب هذه الضحكة قائلاً : زلزلت أركان الشارع ما الذي جرى لك ؟ هل خَطرت على بالك دعابة أو شيء من هذا القبيل ؟
قلت له : هل سمعت بالمشروب الطحلبي ؟
هل جربت اللبن من تلك المحلبة في حي الولفا ؟
قال : الحمد لله الذي عافانا مما ابتليت به يا مجنون وقالها باللهجة العامية [ جالس تنكت وتضحك مع نفسك ] ..!
أخذنا الخضروات والطلبات الأخرى وإلى المَنزِل كانت وجهتنا والهاتِف تظهرُ على شاشته حروف أعز إنسانة وأغلى بَشر (والدتي)..!
أجبت على المكالمة وكلي شوق ولهفة ، سألتني عن الأحوال وعن شقيقي ثم اطمأنت حينما أخبرتها بأن كل شيء على ما يرام وبأنها تمطر الآن ، وسألتني : هل تناولتم الغداء ؟!
و الله لو جُمعت نساء الكون بعضهن فوق بعض وقلوبهن على قلوب بعض ولو أوتين من الجمال والمال والرفعة لما بلغت إحداهن ظِفر أمهاتنا في الحب والعطف..!
سنتناول الغداء بعد قليل بإذن الله...بلغ سلامي لشقيقك عافاك المولى ، وحملتها سلامي لوالدي وإخوتي..!



ساري أحمد 18-02-2015 02:11 PM

رد: ذِكريات المدينة القديمة تحت زخات المَطـر
 
بعض التفاصيل لابد لنا من تجاوزها أحياناً ليس لأنها لا تعني شيئاً بالنسبة إلينا لكنها توقدُ النيران الخامدة في الذكريات ، قدمتُ إلى البيت بعد أن أخذ التعب ما أخذ من جسمي ، نسيتُ أن آخذ بعضاً مِنِّي حيثُ تركت ذهني معلقاً متأرجحاً في المدينة القديمة وجسدي هُنا ، العاطِفةُ عاصِفة والهُدوء يسبقها.

أقدمنا على اغتيال جميع الأطباق على المائدة وحمدنا الله على هذهِ النعمة بعد أن شعرتُ بأني ابتلعتُ نصف الكُرة الأرضية وحاولتُ مداعبة النوم واستعطافه لكنهُ أبى وشحذ همتي للتحرك إلى عين الدياب ..!



الناسُ زُرافات في الكورنيش والحشودُ لا تعد ولا تُحصى وبعضُ البشر فُرادى كأحزان ليلٍ سرمدي كشَّر عن أنيابه أمام العُشاق ، بائعةُ الورد قادِمة و طِفلُ العلكة أيضاً ..!
والبطنُ يئنُ من جرائم التُخمة ولا مجال لدي بتعجيل الخُطوات والدخول في مضمار الهروب منهم .




ساري أحمد 18-02-2015 02:12 PM

رد: ذِكريات المدينة القديمة تحت زخات المَطـر
 
عين الدياب :
جوهرةُ الدار البيضاء ولؤلؤة عشاق عَبق المحيط الأطلسي ، فيما مضى كنت لا أهتمُ كثيراً بهذا الكورنيش وبأنه مصدرٌ للصخب فقط حتى أدمنتُ القدوم إليه طواعية والاستسلام لترانيم خطوات الأقدام.
الجَميل في هذه الجوهرة تلك الدُرر المرصوفة على طول الطريق ، توحي لمن يراها بأنهُ وسط الأعماق يجمعُ اللؤلؤ ويسابِق الأمواج ، وعلى الجهتين تجدُ المحلات والفنادق والمطاعم التي يزخرُ بها الكورنيش في صورةٍ تغنيك عن الحَديث وتغريك بكتابةِ ما يدور في خلجات نفسك.

ولم أجد إلا أقدامي تُدغدغُ الطريق إلى (مقشدة الأمواج) التي لا تبعدُ عن فندق السويس إلا بضعة أمتار، سألتها لماذا قدمنا إلى هُنا ؟
قالت : لحاجةٍ في نفس يعقوب !!
الهواء يتسابق لدخول رئتي وكأنهُ يبحث عن ملاذ والعكس صحيح !
فأنا من أعيته أتربة الأجواء وأدخنة المصانع بالمدينة ومن امتلأت رئتيه بشتى أصناف المواد الكيمائية ، أخذتُ استنشق الهواء بعنف ونشوةٍ عارِمة.

الكحلا !!
والسكر قليل
وقطعة كعكٍ
محلى..!
وكوب ماء
بلون السماء..!
آهٍ يا كازا..!
ما زلتِ في قلبي
الأغلى..!



ساري أحمد 18-02-2015 02:12 PM

رد: ذِكريات المدينة القديمة تحت زخات المَطـر
 
ما بينَ همسات المحيط وعَبق الدار البيضاء تكونُ النفس متأرجحة ، تحدوها آمال البقاء لمدة أطول في هذهِ النواحي ، بدأ النوم يدبُ إلى أجفاني والعينُ لا تُشاهدُ إلا أطيافاً أمامها ، قررنا العودة إلى المنزل بعد محاولات جاهدة مني باقناع (الداخِلية) واعتماد أوراق القَرار

في الطَريق غيرت وجهتي ودخلتُ المدينة القَديمة نحو تلك المخبزة التي حفظتها عن ظهر قلب
و اصبحتُ مشهوراً لدى العاملين الذين يدركون عشقي لما يقدمونه ، والغالب لأني اشتري اغلب الكعك الموجود لديهم حتى أن أحد الموظفات قالت : ما شاء الله دامت الأفراح !!


وقفتُ عند ذلك البقَّال ونزلتُ لشراء الجبنةِ الصفراء التي اعشقها بجنون وسلمتُ على حُسني
فأخذني بالأحضان قائلاً : فين هاد الغبور يا صاحبي !!
وأخذ يعاتبني وشعرت بأني افتقدهم فعلاً فلقد مرت فترة طويلة لم آتِ إلى هذهِ الزنقة..!




في الطريق إلى الحَي


الزحام شديد جداً خصوصاً قُبيل الزوال تكون البشر متأججة والشوارع مُتخمةٌ بالسيارات
وتكادُ أن تغص بهم الأرض فهنالك لا يشغل بالك إلا الزحام الفظيع الذي يبعثُ اليأس في نفسك
لكنها فرصتي لإلقاء نظرة على الطَريق والمقاهي المنتشرة على الأرصفة .


إذا ما رأيت باب المدرسة الثانوية القريبة من الحي فاعلم بأنك في قلب الحَي ، خرجت وفود الأطفال من الحَي الذين حفظوا لون السيارة وعرفوني


كنتُ أوزع الحلويات والسكاكر على الأطفال في الحي سابقاً لكني اليوم لم أجلبها فلقد غابت عن بالي ونسيت الأمر عن بكرةِ أبيه !!

ساري أحمد 18-02-2015 02:13 PM

رد: ذِكريات المدينة القديمة تحت زخات المَطـر
 
لم يدع لي النوم مجالاً أبداً في الاستمتاع بأحاديث ومقالبِ (مروان) الذي يزورنا باستمرار ، مروان ذو الـ 12 عام
يذكرني بطفولتي إلا أنه يتفوق علي في الشقاوة والمقالِب ، وعدتهُ بأن اذهب معه إلى الملعب !!
لحضور مباراة الرجاء والوداد ..!


سأحدثكم لاحقاً عن مجريات هذهِ المُباراة والأحداث التي رافقتها ..!



استيقظتُ والأتاي معلقٌ في رأسي ، ارغب بتناوله وتعديل المزاج والهُروب من المنزل ، ولكم أن تتصوروا الهُروب لإشعال سيجارة !!

كيف لا وأنا لم أشعل واحدة ، فحزب النساء المُعارض وخالتي أيضاً تمنع التدخين ولا تطيق رائحته ( لا أحد يطيق رائحته نهائياً) نسأل الله السلامة وأن يتوب علينا .


خرجتُ من الدَّار وقابلتُ الجاَر

إنهُ أبو (شعيب) ، الأربعيني مفتول العضلات طويل القامة ذو الابتسامة البريئة المتأصلة من جذور الزمن الأصيل
و خفة دم لا تضاهيها أي روح عرفتها ، ولسان متقد ومرطبٌ بالذِكر والاستغفار.
قال : لا سَلام ولا كَلام على المُدخنين ، تقفُ خارج المنزل وتشعل سيجارتك ، والله لقد رحمتك ولقد أرهقت نفسك صعوداً ونزولاً ..!

( بإمكاني أن اشعلها في المنزل لكن لا أحد يرغب في إضرار أحبته علاوةً على ذلك الروائح التي تُنفر البَشَر)..!


أبو شعيب ما رأيك أن نخرج في نزهةٍ قصيرة على الأقدام في الحَي ؟

أشار بالإيجاب ورحنا في جولةٍ سريعة على الحَي ، وكأس الأتاي والسيجارة في يدي !!

لكني ألقيتها وأعدتُ الكأس ووضعتهُ على (عتبة الإقامة) ، بعض العادات تبقى معنا إلى الأبد


يقولون بأنهم سيفرغون بعض الإقامات يا أبا شعيب ؟ أ حقاً ؟
نعم يا صاحبي لإن مالكة الأرض تُريد أرضها !!
لكن يا أبا شعيب العوائل هذهِ لها 40 سنة أو أكثر و !!

يا صاحبي دعنا لا نتحدث في هذا الأمر لأني كلما سمعته انفجرت غاضِباً !!

هل هنالك تعويضات يا صاحبي ؟
الله يرحم ليك الوالدين ما تفتح الموضوع تاني !! هكذا قالها صاحبنا !!


وإلى (الحانوت) اتجهنا وأخذتُ بطاقة شحن بعد أن قلت للبقّال : اتصالات المغرب أغلى اتصالات في العالم !!
ورسومها مرتفعة حتى في العلبة الصوتية !!



ساري أحمد 18-02-2015 02:14 PM

رد: ذِكريات المدينة القديمة تحت زخات المَطـر
 
يُتْبَع..






ساري أحمد 18-02-2015 02:17 PM

رد: ذِكريات المدينة القديمة تحت زخات المَطـر
 
الأعينُ كُلها تتجهُ نحونا ونحنُ في الأزقةِ نطلق ساقينا للريح ، والبعضُ يكادُ أن يلتهمك بنظرته أو حتى يطلق كلمة لتخرج عن طورك وتبادله الكَلام والبعضُ يحترمُ الجَميع ولا يفرق بين أحد ، كانت الأحاديث متشعبة لدرجة وصولنا إلى نهايةٍ مفرغة وحلقة مفقودة ، أبو شعيب مُصرٌ على تناولي العشاء برفقته ، وحينما لاحظت اصراره ازداد تذكرتُ صاحبنا (حسني) الذي دعاني إلى حضور العشاء في منزله ، الكَرم والجود يبقى في كل القُلوب الندية النقية.


اعتذرتُ لأبو شعيب وشرحتُ له السبب لكنه قال : مساء الغد العشاء لدي في المنزل فلا تظن بأنك ستهرب أو تعتذر ، حسناً لك ذلك .




لم أطل الجلوس في المنزل وخرجتُ للاتصال على سعد والإطمئنان عليه في أزمور أو الرباط ، حينها لم أكن أعلم أين وصل .

حدثته وقال بأنهُ في أزمور الآن والأجواء لا مثيل لها وأروع من الروعة وكل يغني على ليلاه !!

(وكاد تزورني ولا تقاطعنا ترانا نحتريك و جاي ولد خالي في الطريق بعد يوم )

هذهِ كلماته التي قالها قبل أن يغلق الهاتِف .


استراحة ..!




فِي دُرب عُمر هُنالك العجائب التي لا تنتهِ وكذلكَ في شارع للا ياقوت علاوة على "سيدي مومن" والمارشيه و زنقة ابن بطوطة ومحج الحسن و سباته ، حتى مقبرة الغُفران مررتُ بها ..!
وقصص حقيقية أقربُ للخيال مررتُ بتجارب عديدة جعلتني أعيش الواقع عن قُرْب وحقائق أدمت قلبي وزادتني عشقاً للمغرب ..



سأتفردُ بكل موقعٍ بعد أن أكمل الأحداث تِباعاً..!
لكن تبقى مواقِفُ " مقبرة الغفران" في الذاكِرة و شارع للا ياقوت


ساري أحمد 18-02-2015 02:19 PM

رد: ذِكريات المدينة القديمة تحت زخات المَطـر
 
سأتجاوز الحديث عن العشاء لدى صاحبي حسني وأدخل في تفاصيل ما ذكرته أعلى





لنبدأ بشارع للا ياقوت ..



هذا الشارع الصاخِب المزدحم بشتى أنواع البَشَر المرصوف بالمحلات التجارية والمطاعم والمخابز يمتازُ بحيوية وحركة دائمة و أغلب المباني التي فيه مبنية على الطراز الفرنسي العَتيق ، به العديد من البنوك الكائنة على يمين وشمال الطَريق كذلك محلات أخرى كالمقاهي والفنادق الصغيرة .


عقاربُ الساعة تُشيرُ إلى التاسعة مساءاً وبرفقتي شقيقي سعد الذي عاد سريعاً من جولته الخاطِفة إلى أزمور
والجوع يقتلنا تارة ونقتله تارة ، قررنا الوقوف عند [ سناك كويكي ] القَريب من بعض المقاهي الصغيرة ، ويقبع خلفه [ سناك البحار ] الرائع المُلبد بغيوم دخان الشواء وروائح السمك التي يُبدع فيها بصورة خيالية .
كانَ بائع السجائر واقفاً أمام السناك يخاطبُ إحداهن بفظاظة وهي لا تلقِ له بال ولم تخاطبه ، أشار شقيقي إلى هذا البائع وإلى الفِتاة وهمس في أذني : يجب أن نعود قبل أن تشتعل الحَرب ..!


لا شيء يعدل طعم كُفتة أبا محمد أبداً في للا ياقوت والتي أصر دائماً على تناولها باستمرار ، تناولنا الطلب وسرنا باتجاهِ موقف سيارتنا بالقربِ من فندق " ماجستيك" وكنا نسمع خُطوات سريعة خلفنا وأنفاس مضطربة .


افترقنا أنا وسعد ومشينا متباعدين لنسمح للمارة بالعُبور لكن كانت المفاجأة بوقوفِ تلك الفتاة بيننا !!

اعوذُ بالله من الشيطان ، لا حول ولا قوة إلا بالله ( خير اللهم اجعله خَير ).. في نفسي كانت تلك كلماتي
سلمت علينا وردينا السلام ، قالت : هل أنتم غُرباء عن المغرب ؟
هل هذهِ أول زيارة لكم ؟
والعديد من الأسئلة .. قلت لها : لا أحد غريب في المغرب وليست أول زيارة وشكراً لاهتمامك..!
بدأت تُثير غضبي وبدأتُ افقد أعصابي وسعد لم يحرك ساكناً على غير عادته ،سألتنا إذا ما رغبنا في تناول القهوة
تأففتُ منها وطلبتُ منها برفق الانصراف !!
لكنها مُصرةٌ على ما يدور في نفسها ..!


طلبتُ من سعد بأن يأخذ العشاء ويضعهُ في السيارة لأنهي المسألة الشائكة العالقة مع هذهِ الفَتاة الغريبة الأطوار ، وتبعت شقيقي حتى بلغ السيارة !!
لم استطع أن أناديها فإني خشيتُ أن يجتمع حولنا الناس وتصبح كارثة في وسط الشارع المختنق ..!


التفتُ إلى الوراء فإذا ببائع السجائر يقتربُ هو الآخر !!
ما القصة يا تُرى ؟
هل هنالك شيء خَلف هذهِ الكواليس ؟
أم إنه سيناريو يُحبك بطريقة احترافية ؟
لا شيء في ذهني سوى الخروج دون ارتكاب أي حماقة أو اشعال فتيل المشاكل .


اتصلتُ على [ عبد الرحيم ] وطلبت منه القدوم إلى شارع للا ياقوت ومن حسن الحظ بأنهُ كانَ قريباً جداً لتواجده مع صديقه في المدينة القَديمة .


عاد شقيقي وأخذت تلك الفتاة تتحدث معه وأخي واقف بكل برودة وبائع السجائر يتحين الفرصة للقيام بشيء لا اعلمه ، لكني جلست على أحد المقاعد القَريبة [ بالمقهى ] الذي خلفي وانتظرت الحديث الطويل بين شقيقي وتلك المأسأة التي تتحدث إليه ..!


قدم عبد الرحيم وبرفقته [ سفيان ، سيمو (محمد) و محسن ] ، اتجهوا مباشرة إلى الفَتاة وابعدوها عن شقيقي
وهو يبتسم ويقول لهم : لا بأس دعونا نرى النهاية فقط !!



ساري أحمد 18-02-2015 02:20 PM

رد: ذِكريات المدينة القديمة تحت زخات المَطـر
 
ازداد العدد وتجمهرت الناس من حولنا ، إنها مصيبة لو حدثت مشادة كَلامية أو ارتفعت الأيادي !!
دخل سفيان على الخط الساخن مع شقيقي وقال له : هيا بنا إلى أقرب مقهى لنرى ماذا لديها ؟!
وفي ترددٍ مني طلبت من سعد أن يصعد المركبة لكنه أبى وقال : أريد معرفة النهاية أنا هنا في كازا وأريد معرفة النهاية ..!


دخلنا المقهى ونحنُ مجموعة وطلبنا القهوة للجميع فيما انتظر بائع السجائر بالخارِج !!
كانَ للمقهى باب آخر من الجهة الخلفية وطابقٌ علوي أيضاً ، أمرتُ (أبناء الحي المحمدي) بالخروج فرادى و تفادي عقبات هذا الموقف ونظراً لعناد أخي فإن المسألة قد تطول ولقد أعطيت عبد الرحيم مفتاح السيارة ليأتي إلى الجهة الأخرى من المقهى وبالتحديد عن مواقف (الدراجات النارية) قبل زنقة الديوري..


أخذت تشرح الفتاة وضعها وبأنها محتاجة للمال لتساعد والدتها وبأن المسألة كلها مبلغ بسيط للأدوية ، طلب سعد أن تعطيه الفتاة الوصفة الطبية لشراء الأدوية ، هنا عقد لسان الفتاة وتلكعت !!
إلي بالوصفة وإلا اتصلت بالشرطة السياحية !!

تغيرت ملامحها لفترة بسيطة ، ثم قالت : إن بائع السجائر هو من قال لي كي أوزع المبلغ بيني وبينه !!
فلا تأخذكم بي الظُنون ولقد هددني أكثر من مَرة.

( كيف مر الموقف أمامي أول مرة حينما كان يخاطبها ذلك البائع بفظاظة وكيف ابتلعتُ أنا الطُعم)
أحياناً تخوننا الخِبرة لإن هذهِ الأمور لا تكون عن خِبرة بل تكون عَن دِراية بشتى تفاصيل البَشر والتي نعجز تماماً عن قراءة أي تفاصيل سوى المظاهر .

لكني مستغرب من كلام شقيقي الذي كانَ لا يرغب في اشتعال هذهِ المشكلة وكيف لم يتعامل مع الموقف ؟
وهو الذي لا يريد أي صداع يؤرق رأسه ؟

هل كان حديثه معها مماطلة لبائع السجائر أم قاده حدسه إلى معرفةِ بعض الأمور ؟

عادَ عبد الرحيم إلى نفس المقهى بعد أن تأخرت في الاتصال عليه وبرفقته مجموعتنا البيضاوية

بدأت الألفاظ النابية تخرج من البائع و حمي الوطيس !!
وراح الكل في صِراع ، وظهرت مواهبهم المدفونة من ركل ولكم وألفاظ غريبة جداً تتخطى كل مقاييس ادراكي للهجة المغربية .


قدم الأمن الوطني !!


و !!



يا ليل مطولك !!



ساري أحمد 18-02-2015 02:20 PM

رد: ذِكريات المدينة القديمة تحت زخات المَطـر
 
ما إن قدمت الشرطة حتى لاذ الغالبية العظمى بالفِرار وسط ذهول ودهشة اعترت الجَميع
أحمد الله بأن نجانا من قبضتهم لكنهم أخذو عبد الرحيم و سيمو وسفيان وبائع السجائر والفَتاة
اتصلت على عبد الرحيم وقال لي : بأنهم في قسم الشرطة السياحية القريبة من محطة القِطار !!
وطلب مني عدم الحُضور نهائياً لئلا أكون فريسةً سهلة هناك في القِسم.
وبين مطرقة الحيرة وسندان الدهشة طحنَ تفكيري وشُل كل شيء في ذهني وكيف اسمح لنفسي بتركهم في القِسم ؟






كيف تخلصتم من الموقِف ؟

قال : بائع السجائر عليه سوابق عديدة والفتاة مشتركة معه في النصب والاحتيال ولحسن حظكم بأنكم السبب الكبير للقبض عليهم .
مصائبُ قوم عند قومٍ فوائد !!


سفيان في التاسعة عشر من عمره طويل القامَة شديد البَياض يذكرك بأهل الحُسيمة عيناه ذات طابع حاد ومزاجهُ يغلي وانفلات أعصابه أسرع من البَرق !!

سيمو اصغرهم ذو الثلاثة عشر رَبيع !!
يُشبه اللاعب المغربي مروان الشماخ كَثيراً ولديه علامات فارقة في ملامحه (حصاد العراك في الحي )
أما عبد الرحيم فبين الطول والقصر وعريض المنكبين لسانهُ لا يشق له غبار في ساحات الوغى (ساحات الحي المحمدي والقيسارية) لا يلق لأي شيء بالاً ولا يفكر في النتائج ولكم أن تتخيلوا اجتماع الثالوث هذا !!

ساري أحمد 18-02-2015 02:20 PM

رد: ذِكريات المدينة القديمة تحت زخات المَطـر
 
أبسط تعبير للحال الذي يمرُ به الشباب العاطِل عن العَمل في شتى أنحاء الأرض ، في الأحياء الشعبية تكدس العاطلين والبطالة في أعلى مستوياتها تجعل الكثير من أبناء الحَي يقدم على افتعال المشاكل أو القيام بأعمال أخرى ولنا في كل دولةٍ مثال وهذا أمر عالمي وليس حصراً على أي دولة .


فلم الرعب يبتدأ حينما تتجه إلى "سيدي مومن " بالقرب من القُنطرة !!

بالتحديد ما بين إقامة الكوثر والجَوهرة ..!

لن أتعمق ولن اتغلغل كَثيراً لكن زيارتي الأخيرة كانت مفارقة عجيبة في السفر إلى المَغرب !!


ولا يخفى عليكم كثرة الأصحاب والمعارف في ذلك الحَي فهنالك [ مُراد و محسن و كَريم و محمد ]

وأنا على معرفةٍ تامة بهم جميعاً وأزورهم جميعاً ونجلس سويةً في كل مكان إذا ما حانت الفرصة ، وأقربهم إلي مُراد الذي كان يرافقني مع سعد دائماً ووالده في سلك الشرطة
أما محسن فهو من رجال الدرك وكَريم صاحب عقار ومحمد (فيدور سابِق)..!


حينما ذكرت هذهِ الأسماء والأوصاف لأحد الإخوة قال : مجنون في أعلى قمم الجُنون !!

ساري أحمد 18-02-2015 02:21 PM

رد: ذِكريات المدينة القديمة تحت زخات المَطـر
 
المغرب


اسمٌ يُثير الدهشة في الأذن ، يبعث البهجة إلى القلب فتنصاع له كافة الحواس الخَمس ولا عجب !!
فالنجمةُ على علم المغرب لها خمس زوايا !!
إذاً فالمغرب الحواس الخَمس للدنيا !!


من لم يزر المغرب لم يسافر أبداً ..!

تشدك معالمه من تلابيبك تحتضنك الجِبال ، يداعبك الربيع ويطربك المحيط الأطلسي ، تغريك جبال الأطلس تحرك بك كوامن الفضول للاستطلاع.
يُعقد لسانك لفرط الدهشة حينما تجد التناغم الرهيب في تفاصيل هذا البلد .

وبين الحقول تأخذك النسمات تحملك فوق بساط الريح لتجعلك تعانق ذرات الجمال.
وإذا ما كنت محظوظاً فإنك ستزوره كل عام فالبعدُ عنه صعب جداً .



الدار البيضاء :

قلب المغرب الاقتصادي النابض ، صاخبةٌ دائماً هذهِ المدينة ، تفرض عليك الانصياع لضجيجها وتجبرك على احترام ثرثرة طرقها العامرة بالبَشر.
هي قبلة العشاق التقليدية .

لاحظتُ بأن الكثير من عشاق المغرب لا يحبون الدار البيضاء ولا يمكثون بها طويلاً بل لا يكاد أحدهم أن يصل إليها حتى يحزم حقائبه مغادراً إياها باتجاه مُدن أخرى وللناس فيما يعشقون مذاهب.

عن نفسي لا حاجةَ لي بسرد تفاصيل عشقي للبيضاء ، لكنها باختصار [ بوصلتي في محيط الجنون ]
أحب كل شيء بها .


في المدينة القديمة تجد الجمال المضمخ بالأصالة ، تشاهد المباني القديمة فتشعر وكأنك في القرن الماضي ومزامير السيارات وصراخ البَشر وخطوات العابرين في الساحات !!
كل شيء يتحرك ليل نهار .

ساري أحمد 18-02-2015 02:22 PM

رد: ذِكريات المدينة القديمة تحت زخات المَطـر
 
http://www.sfari.com/gallery/files/7...1286771837.jpg



حَسبي الله ..على الجوع والفَقَر
وضيقة الحال.. وانعدام الضمير

المسكينه..جالسه..قبل شهر
والولد يبكي..رحمت الصغير

الناس تروح وتجي وتُمـر
حد(ن) يتعذب..و واحدن (قِرير)

يرمون..الملايين..لقصد السَّهر
و ريال واحد..ما يعطون الفقير

والله مأساة..وقمة القَهَر
يهين الوقت..الصغير والكِبير

يا رصيف..الهم..فيك انتحَر
عُمر الزهور..ومات العَبير

ساري أحمد 18-02-2015 02:22 PM

رد: ذِكريات المدينة القديمة تحت زخات المَطـر
 

دَرب عُمر



الأسواق والمحلات كأنها عَناقيد متدلية من عنقِ الدار البيضاء ، تجمعُ في الغالبية العظمى هُنا أغلب ما تبحث عنه ، والأصوات لا تهدأ ونار الضجيج لا تخبو ، كانَ مروري سَريعاً لدرب عمر حيثُ كانَ بيني وبين أحدهم موعداً لكراء سيارة لشقيقي .


ظَهر لي رجل ممتلئ الجَسد غليظُ النظرة في وسطِ الطريق ، سألني إذا ما كانت لدي بعض السجائر !!
لكني تفاديته واعتذرتُ منه بأني لا أدخن !!
عادَ إلي قائلاً : أنت تُدخن رأيتك ليلة الأمس في عين الدياب !!
هل يتحاذق هذا الرجل أم ماذا ؟
وما شأنك أنت ؟
أدخن أو لا أدخن ما هي قصتك ؟
انظروا كيف استطاع هذا الرجل أن يجعلني أثورُ بغضبي في ثواني بسيطة ...!

على العُموم لقد رأيتك ليلة الأمس برفقة " محمد رمضان " !!

محمد رمضان !!
وما شأنك إذ رأيتنا معاً ؟
شعرتُ برغبةٍ جامحة لافتعال مشكلةٍ معه ولستُ أبالي بالنتائج لكني تمالكت نفسي لئلا أقدم على شيءٍ عواقبه وخيمة.


قال لي : هل ترغبُ بسيارةِ أجرة ؟
أو شقة ؟
أو أي شيء !!


وفر على نفسك خدماتك يا صاحبي فلستُ بحاجةٍ لأي شيء شكراً لك.


فأخذ يرسل سيلاً من الشتائم والاتهامات لأهل بِلادِي وأخذ يقدح في أبناء وطني حتى أنه تطاول في حديثه وتمادى كثيراً و حتى أبناء بلاده اتهمهم بأشياء يندى لها الجَبين وبأننا جميعاً " نأتي للبلد لأهداف " أخرى
و زعم بأنهُ يعرف تفاصيل كل شيء وعن النوايا .

عَجَبي !!
اطلع الغيبَ أم عنده علمٌ لا نعلمه ؟
هل رأيتَ ما في القلوب ؟
ولماذا هذا الأسلوب الهمجي "الغجري" في التهجم والتهكم والقذف ؟
حذرتهُ من مغبةِ التمادي في الحديث والاتهامات الباطلة وأن يتقِ الله في نفسه فلستُ أنا بالذي يأتي إلى المغرب ليقدم على ما ذكره من اتهامات واجحافات باطِلة !!
ثم صرختُ في وجهه : إن كانَ لك حق فخذه بيدك ممن أخطأ بحقك وسبب لك ضرراً أما أنا فلست أبالي بك و بأي من كان !!

( محمد رمضان معلق رياضي مشهور وقديم في بِلادي ، قابلتهُ في الدار البيضاء وجلسنا سويةً لمدة طويلة وترافقنا في أغلب النواحي كانَ يبحثُ عن رفيقٍ له واجتمعتُ به في مقهى الزهور ، استفدتُ من خبرته الطويلة جداً في المغرب حيث مضت عليه 30 سنة وهو يزور المغرب )


ساري أحمد 18-02-2015 02:23 PM

رد: ذِكريات المدينة القديمة تحت زخات المَطـر
 
بعد أن ضاقت به كل الحيل وتاهت به السبل حاولَ إيجاد كذبة أخرى أو حبك رواية جديدة ، ولا أخفي عليكم أمرا بأني اصبحتُ مستعداً لسماعه وهو يتحدث ؛ كيف لا وأنا اقضي وقتي دونَ رَفيق !!

روى صاحبنا هذا بأنه يطالبُ (محمد رمضان) مبلغ 500 درهم نظير إيصاله إلى الفندق بسيارة الأجرة !!

500 درهم يا رجل !!
لماذا من أين قدمت به ؟
إذا كانَ المطار مشواره لا يكلف هذا المبلغ ؟ فلماذا الخمسمائة ؟
قال كلا !!
من عين الدياب إلى الفندق !!


يا إلهي !!
هل اصبح مشوار الـ 18 درهم بـ 500 درهم ؟
(18 درهم من المدينة القديمة إلى عين الدياب بالقرب من فندق رياض السلام) !

يا رجل اتقِ الله في نفسك وحاول تمرير هذه الدعابة على شخص آخر !!

عزيزي لقد سعدتُ بالحديث معك رغم فظاعة ما ذكرت وأقوالك القاسية لكني استفدتُ كثيراً ولا يخفى عليك بأن جنوني ازداد في المغرب أكثر وأكثر فشكراً لك ، وقتي ثمين وأرغب في الاستفادة منه ، واعذرني على أسلوبي الجاف معك !!

لكن !!
لا تعمم النظرة وتحكم على المجتمع ، في أمانِ الله !!
وقبل أن أنسى !!
لا أظنُ ولا أعتقد ولا أتوقع نهائياً بأن محمد رمضان سيبخسك حقك ، فهو رجل كريم معطاء لكن لا تبالغ في الأمور
وحدِث العاقِل بما لا يعقل فإن صدق فلا عقل له !!

ساري أحمد 18-02-2015 02:24 PM

رد: ذِكريات المدينة القديمة تحت زخات المَطـر
 


[ خروج عن النص ]



في الطَّريق كانت أنغام (يوم يشبه يوم حياتي هادي..حياتي اللي تمنيت ماشي هادي) للداودية ترافق مسمعي
وصاحبكم مندمج مع الأغنية التي وجدتها في الإذاعة بالصدفة ، مررت بالعشق الأزلي (المدينة القَدِيمة) واتجهت إلى المخبزة وأخذت ما كانَ يدور في نفسي (كراوسان بالشوكلاته وفطائر أخرى).

ولأني "عميل" دائم و "مميز" لديهم فإن السعر يكون أرخص بكثير !!
والسبب بسيط جداً !!
لم تتبق كعكة " طورطة" كبيرة أو صغيرة إلا واشتريتها وكافة الأنواع جربتها


علقت إحداهن مرة قائلة : اعتقدُ بأن الحفلات في البيت كثيرة !!
فأجبتها : ما دمتُ في المغرب فالسعادة لا تفارقني وكل يوم لدي "حفلة" و "كرنفال" عائلي..!

الله يسعدكم ويوفقكم .. هكذا كانت دعواتها.



[ الدار البيضاء عشقها يُدمي الفؤاد يجعلك تكتب بالدمع المِداد ، مدينةٌ حالمة هائمة عائمة وكل ملامحها عروس في ليالي الأعياد ]

ساري أحمد 18-02-2015 02:24 PM

رد: ذِكريات المدينة القديمة تحت زخات المَطـر
 
:13:

ساري أحمد 18-02-2015 02:25 PM

رد: ذِكريات المدينة القديمة تحت زخات المَطـر
 
[ مَوطِنُ الأحرار خلدتك في قَلبِي دَهْراً و غرستك بالفؤادِ زهراً ، لو كتبتُ عنك كل المشاعر وكل الأحاسيس لما بقي لدي حِبراً ، حينها سأكتبُ بالدم عشقك يا مغربنا وسأدمي العينَ بكاءاً وسَهراً ]


ساري أحمد 18-02-2015 02:25 PM

رد: ذِكريات المدينة القديمة تحت زخات المَطـر
 
[ ساحَة أحمد البيضاوي ]


مَن مِنكم مَر بهذهِ السَّاحة ؟
من منكم تناول القهوة في ذلك المقهى البسيط ؟
وجلس أمام تلك الحديقة الصغيرة التي بالكاد تُسمى حَديِقة ؟
هل رأيت البَساطَة في هذهِ الساحة ؟
هل تجولت بسرعة بها ؟
تشعرُ وكأنك في عالمٍ آخر ، وترى بعض المحلات المتراصة المتلاصقة ، كأنكَ خرجت من المَدنية وسافرت إلى سطح الخَيال !!

ساري أحمد 18-02-2015 02:25 PM

رد: ذِكريات المدينة القديمة تحت زخات المَطـر
 
أخذني الحَنين ذاتَ مساء إلى زنقة ابن بطوطة وما جاورها ، اشتقتُ لمتابعة أبناء الحَي وهم يلعبون الكُرة
اشتقتُ إلى كل الأصحاب ، إلى كل الوجوه التي شاهدتها والتي تدخل البهجة إلى قلبي كلما رأيتها !!
تكفيك ابتسامة إنسان أحياناً لتدفعك إلى الأمام بل وتجعلك تكتبُ الشعر والنثر وتسطرُ أحرفا تنبعُ من قلبك .

عرجتُ على الزنقة ثم مررتُ بعبد الكَريم الديوري واتجهتُ إلى نهايةِ الشارع ، ومن يراني يقول عني : مجنون يقطع الشوارع ذهاباً وعودة !



"سعيد "

القادِم من مراكش صاحب " البقالة" الصغيرة أقول له : اشتقتُ إليك يا صاحبي !!
واصبحت الزنقة من بعد رحيلك "أطلالاً " !!


" كَريم "

يا مدمن البيتزا كم تتوق النفس لجلسةٍ بسيطة معك وتناول الأتاي في مقاهي المدينة القَديمة .


" حَسن "

هل تذكر إدماني للجبنةِ الصفراء ؟ وتلك المجنونة التي أقدمت على فعلتها وأنا بداخل البِقالة ؟
هل تذكر ذلك "الخارج عن الخدمة " الفاقد عقله جراء شربه المُحرمات؟
حينما قال : أريد بيضة !!
وكسرها على الرف !!
يظنها بيضة مسلوقة !!
بل كان يظن بأن الحانوت " محلبة " !!


أم محمد !!

اشتقتُ إلى قراءة الصحف كل صباح ، افتقدني كثيراً يا خالة ، لم يعد للصحف طعماً من بعدك
هل تذكرين ؟ حينما كتبتِ لي أوقات الصلاة في وريقة لا تكاد أن تُرى ؟
وأشرتِ إلي بأن اقرب مسجد يكون في [ 11 يناير ] !!
وبأن هنالك "صاحب المسمن" الأسطوري ؟!

" نعمان "

" حسني "

" مصطفى "

"رشيد "

تركتم المدينة القَديمة وخرجتم بعيداً ، وظلت ذكرياتي تطاردني إلى تاريخ كتابة هذهِ الثرثرة !!


[ ذكريات تتأجج وكأن أراها تعود ، فعلاً لقد اشتقتُ للمدينة القَدِيمة ]



ساري أحمد 18-02-2015 02:26 PM

رد: ذِكريات المدينة القديمة تحت زخات المَطـر
 
[ الدار البيضاء حُورية نائمةٌ على كفوفِ المحيط الأطلسي ، في أعماقها تجتمعُ كل الحقائق وفي أحيائها تجدُ كل الفروقات والمتناقضات ، وتجتمع المتضادات ،اسميتها "مُعجم الجَمال ومنجم اللآل " جَميلةٌ أصيلة مُدهشةٌ منعشة تجذبك إليها بصمت وتعودُ إليها أينما كُنت ، إن عشقتها أدمنتها وإن أدمنتها حفظتها وبعد أن تحفظها تشعرُ وبأنك لا تعرفُ بها شيئاً وتعود إليها من جديد لتكتشفها ]


http://www.sfari.com/gallery/files/7...ablanca572.jpg

ساري أحمد 18-02-2015 02:26 PM

رد: ذِكريات المدينة القديمة تحت زخات المَطـر
 
جَسّ الطبيبُ نبضي يوماً فـ بكا !!
بُكاء من أضناهُ الوجدُ والمشتكى !
أخذتُ بالبكاء توجداً معه
لكنهُ لم يتكلم وما حَكى !!


فعلاً لو جس الطبيب نبضي لبكى !!
لأن الدار البيضاء تنبضُ في الفؤاد ، أوكسجين في رئتي لا أرغبُ في نفثه ، كيف لا وتفاصيلها تتكاثر في مخيلتي
كل الأحياء وكل التفاصيل !!
حتى البَراريك ما زالت تزور عيني !!
تلك الأماكن التي لم يزرها أحد وتلك الأحياء الجاثمة على جسدِ النسيان !!
الحدائق والممرات والمحلات التجارية والمقاهي والمطاعم البسيطة !!
لو ظللتُ دهراً اكتب عن الدار البيضاء لاشتعل الرأس شيباً وسقط الشعر !!


http://www.sfari.com/gallery/files/7...3/24413115.jpg

ساري أحمد 18-02-2015 02:26 PM

رد: ذِكريات المدينة القديمة تحت زخات المَطـر
 
سأتطرقُ إلى البرنوصي لاحقاً بعد أن أعرج على "الحي المحمدي " مجدداً !!






تجددت بي الذكريات فاتجهتُ إلى شارع المقاومة ورحتُ أقبلُ صورة الدار البيضاء في مخيلتي وأرسمُ هالات التعجب لكل ما أراه ، عدتُ إلى باب مراكِش بعد أن أضناني التعب وأرهقني الوزن الزائد تلك الأيام والذي تغلبتُ عليه فيما بعد ، حيث تم توقيع المعاهدات السلمية مع المعدة وتوثيق المعاهدة لدى "هيئة الأمم النسائية" و تعزيز وإمدادات من لدن "والدتي" و "شتى" اصناف النُكات والتعليقات الساخِرة من إخوتي ووالدي ، حفظهم الله جميعاً .

صاحِب سيارة الأجرة .

شابٌ طويل يرتدي نظارة طِبية ذهبية الأطراف غليظةُ العدسات ، حدجني بنظرته ثم ابتسم و أخذ يسألني وأنا واقِفٌ عند ذلك المحل البسيط ، هَل تُريد أن تكتري شقة ؟
أجبته : هل تراني اسحب حقائبي معي يا صاحبي ؟

لم ينطق بأي كلمةٍ وراح في طريقه ولم يوقفني إلا اشتياقي أمام باب مراكش ، نظرتُ إلى الساعة
الشامخة المتدلية من البُرج وكأنها عقد مرجان .
قدم رجل وسألني عن الساعة هل هي دقيقة ؟ هل التوقيت صحيح ؟
هل زادو ساعة ؟ أما زال التوقيت القديم يستخدم !!
اجبتهُ بأنها دقيقة وبأن التوقيت صحيح ، وبين جمل الشُكر منه و الأحاديث ظهر أمامي ذلك الرجل الذي يحمل بعض القمصان و "فوقية" بيضاء في يدهِ اليمين أغرتني وجذبتني ، أخذ يمدحُ في بضاعته وبأنها تفصيل يدوي وليست تفصيل "كمبيوتر" و و و و !!
السعرُ مرتفع وأنا أمازحه بأني لا ارغبُ بشراء أي شيء لكني كنتُ أرغب وبشدة شراء تلك "الفوقية" لأني لم أر مثلها في السوق !!
دخلنا في مفاوضات للسعر ولم يعجبني السعر وظل يلاحقني حتى بلغنا وسط السوق بالقربِ من ذلك المقهى الشعبي الذي يقدم أروع أتاي في المغرب
حيث يضعُ زهرة الزعتر فوقه ويقوم بتحضيره بطريقةٍ "فانتازية "..

طلبتُ منه أن يتناول الأتاي معي ويأكل بعضاً من "الشهيوات" وأصدقكم القول بأني اسعدُ كثيراً بالجلوس والاستماع إلى هذهِ الفئة البسيطة من البَشر لكن دون خوض مواضيع أخرى .

أخيراً قال لي : بـ 50 درهم يا صاحبي وخذها لك والحق بأنها تستحق أكثر من هذا السعر ، أخذتها وأعطيته مائة درهم وأعدتها إليه واستغرب من الأمر !!
لماذا ألا تُريدها ؟
بلى ، لكني أراها جميلة عليك أكثر وليست جميلة عَلَي والمائة درهم هدية لك .

ساري أحمد 18-02-2015 02:27 PM

رد: ذِكريات المدينة القديمة تحت زخات المَطـر
 
قبل التغلغل في أعماق الحي المحمدي وتفاصيله البسيطة ، سأحدثكم عن باب مراكش بصورةٍ سريعة
وعن تلك المنتجات التي تجدونها متراصة ومرصوفة بشكل جَميل رغم بساطته وعن ذلك الحانوت الصغير جداً في جهةِ الشمال بالقربِ من محل الجُلود والمعروضات "الأمازيغية" وقبل ذلك يكون في الزاوية الأمامية في الواجهة المطعم الصغير للأسماك الذي كلما رأيته تذكرت أبو "حسن" زخ مطر وأخذتني الابتسامة ودعوت الله في نفسي أن يجمعني ومع العشاق في المطعم هذا لتناول أي وجبة ذات يوم .

قدِم إلي صاحب تلك "البسطة"

[ البسطة ]
إشارةً إلى من يضع المنتجات على الأرض أو فوق الرصيف ...
قدم إلي صندوقاً صغيراً وطلب مني فتحه وفي حال قيامي بهذهِ العملية فإني سآخذه بالمجان !!
قلتُ له ستخسر الرهان يا صاحبي ومن الأفضل أن تسحب كلامك لأني لستُ جديداً هُنا واعرفُ باب مراكش
وضحك كثيراً وقال جرب فلن تخسر شيئاً ، الصندوق صغير بعض الشيء له زوايا ملساء يكونُ لونه بُني ، وفي الأمام منه أعمدة صغيرة كأنها [ مفاتيح العود الشرقي ] وبالزاوية الصغيرة هنالك طرفٌ حاد وكل ما في المسألة حركة بسيطة تجعلك تخرج المفتاح ثم تدفع الطرفين إلى الخلف قليلاً لتجد مكان القُفل وتفتحه !!


بكل بساطة لكنها تحتاج إلى تفكير بسيط .

بعد أن فتحتها ضحك البائع وقال : خطير أنت لكن ألا تريد بعض الأشياء من هُنا ؟
الصحون الجميلة التي رسمت عليها بعض معالم الدار البيضاء تشدني رغم اقتنائي لكثير منها
لكنها العادة التي ترافقني !!
شراء أي شيء حتى وإن لم يكن لي به فائدة أو متكدس في المنزل ، لكن ما المانع لو أخذتها هدية للأصدقاء ؟

ساري أحمد 18-02-2015 02:27 PM

رد: ذِكريات المدينة القديمة تحت زخات المَطـر
 
إذا ما خرجتَ من " باب مراكش" انظر إلى خط المشاةِ على الأرض !!
و ارمق بنظراتك تلك البناية الكَبيرة " بنك المغرب للتجارة " ، وعلى اليمين ستجدُ "فندق حياة رجنسي" وكل ما عليك أن تتجه إلى الأمام لتحتضن قلب المدينة النابضة بالحياة !!
وستشاهد مقهى فرنسا !!
ومكاتب السفر !!
والباعة المتجولين والبشر بالقرب من "وفا تجاري بنك " !!
ستتعمقُ في الأزقة وبين الطُرقات ، وإذا خطوت بعض الخطوات ستقطع الشارع !!
ولن تقف إلا عند سينما ريالتو !!
ستقف قبلها عند مطعم الرياض في الجهة اليمنى !!
وشاورما الحاج متولي !!
و و و و !!


هل أهرق قهوتي على الأرصفة لأتفادى نزيف الذكريات ؟

أم اتجهُ إلى "سوق النوار" ؟
أم إلى "سناك أمين " ؟
أم إلى مطعم النجمة بالسوق المركزي "المارشية" ؟
هل أعودُ إلى تلك المباني وتلك الشوارع ؟
إلى ذلك الرجل الذي كان يطربني بعزفهِ في الشارع !!
وكنتُ اعزفُ له بعض الأحيان ؟

إلى أين سيأخذنا الاشتياق ؟


باب مراكش هو نقطة الانطلاق إلى قلب المدينة ، وتخيلوا منظر المشاة وهم يحاولون العبور إلى الضفة الأخرى !
مسابقين العربات والحافلات !!

ساري أحمد 18-02-2015 02:27 PM

رد: ذِكريات المدينة القديمة تحت زخات المَطـر
 
[ الحبوس ]



الوقارُ كلهُ في سوق الحُبوس ، والهيبة الجميلة والحركة الدائبة والمكتبات الزاخرة بشتى أنواع الكُتب والمحلات التجارية ، كأنك تتجول في عالمٍ آخر !!
تسرق مني الكثير من الوقت هذه الذكريات واكتبها دون توقف وأحياناً أقف لألتقط أنفاسي !!


مررتُ بالحبوس وغرقتُ في تفاصيله واشتريت بعض الكُتب (قصص ، روايات ، دوواين ، سِيرَ )
استنشقتُ كل التفاصيل الكائنة هنا ، لا أحد يتهمني بالجنون إذا ما قلتُ بأني أحببت حتى رائحة الجُلود المعروضة في المحلات !!
لا ترموني بالجُنون وإن كنت مُصرين على التهمة فاسألوا الدار البيضاء فهي من تعرفني جيداً .


لن أطيل في سردِ هذهِ الثرثرة العاطفية عن الدار الغنَّاء (البيضاء)وسأكتفي إلى هذا القَدر من الذكريات
لأن درجة الاشتياق بلغت ذروتها .

ومن واقع تجربةٍ قبل أن أختم هذهِ الأجزاء ، تناولوا القهوة في المقهى الكائن في الحبوس ، القريب من المحكمة
فإنها قهوةٌ لا تضاهيها قهوة والشاي كذلك ولكم الحكم.

ساري أحمد 18-02-2015 02:28 PM

رد: ذِكريات المدينة القديمة تحت زخات المَطـر
 
في كل صباحٍ أخرجُ إلى الشاطئ لأطلق ساقي للريح ، مداعباً همس الأطلسي ومحتضناً شمس الدار البيضاء
ولا بد لي أن أشحن رئتي من ريحان "كازا" ...
ذات صباح خرجتُ قُبيل الافطار ، بل أتوقع بأني خرجتُ قبل أن تخرج البلابل للبحث عن رزقها وقبل الخلائق ؛ كي اشاهد شروق الشمس الجميلة من خلف أكتافِ المحيط الأطلسي ، ولا شيء يعدل جمالها أبداً حينما تسكبُ الذهب في أقداحِ الشُروق وعلى الأمواج تنثر الزمرد والياقوت .

حينما بلغتُ الشاطئ وجدتُ الكثير من الرياضيين "صغار السن و كبار " ، والكل يمارس رياضة الملوك " المشي"
والبعض يسابق الريح مهرولاً ، فذلك متأنٍ في خطواته وتلك تُسابق الريح على أنغام الموسيقى التي شاهدت سماعاتها في أذنها وذلك برفقةِ الأحبة وتِلك واقِفَةٌ تنظر إلى المارة .

قلتُ في نفسي : لحظة جَميلة ويا ليت " الداخلية" برفقتي الآن في هذا الصباح لكنها نائمة !!


وماهي إلا ثوانٍ حتى اتصلت " الداخلية" !!

صباح الخَير
صباح النور والعطور !!


" قلقت عليك أين ذهبت " ؟!


الأجواء باردة صباحاً فأين اتجهت ؟ هل عدت إلى الشاطئ مجدداً كالمجنون تطارد الأمواج ؟



نعم


حسناً لا تتأخر فإني اعددت لك الإفطار ، والله إنك لمجنون تخرج قبل أن يستيقظ الأنام في الدار البيضاء !!


عزيزتي ومنذ متى تنام البَشر في الدار البيضاء ؟
الكلُ هنا مستيقظ ..!

ساري أحمد 18-02-2015 02:28 PM

رد: ذِكريات المدينة القديمة تحت زخات المَطـر
 
عدتُ إلى المنزل وتناولت الإفطار مع " الداخلية" وناقشنا أوضاع المنزل والعائلة وأمور كثيرة ، قالت : ما رأيك لو اتجهنا إلى الرباط ؟


نُريد تغيير الأجواء بعض الشيء ، قلت لها بأني موافق .







ما أجمل أن تذهب إلى الرباط في الصباح الباكِر وتعود مساءاً لتغنم الوقت وتنعم به في أحضان الدار البيضاء معشوقتي الأبدية ، خرجنا إلى الرباط مستقلين المركبة وما إن وصلنا غايتنا حتى خرجنا إلى الشاطئ ، ورحت التقط الصور التي ارفقتها في موضوع مستقل في المنتدى .


ثم اتجهنا إلى المارينا ، ولم نجلس مطولاً نظراً لرغبتي في تناول الأتاي في القصبة ، وعند أبو حسن والأخ عادل الخبر اليقين بالأتاي الذي يقدمونه هناك فهو لا يضاهى ولا يقارع أبداً .


لكن دعونا نتحدث عن الرباط قَليلاً !!




للوهلةِ الأولى ومن النظرة السريعة تشعرُ وكأنك في عالمٍ آخر !!
مختلف كلياً عن عالم الدار البيضاء ، لأن الفروقات كثيرة جداً فمن اعتاد على الضجيج والصخب يجدُ الرباط ملاذاً له في بعض الأحيان من ضغوطات الحياةِ وضجيج البيضاء ، الرباط قلب المغرب النابضِ بالهدوء والجَمال وفوق هذا كله
تجد البساطة متمثلة في الأماكن التراثية والعادات المتأصلة من جذورٍ أصيلة .

لا تأخذ الرباط من زائرها سوى بضع يوم للتعرف عليها ،سهلةٌ للغاية ورائعة ، ففي كل مكان تجد لك نصيباً من الذكرى .


قمنا بزيارة أغلب الأماكن في الرباط على وجهِ السرعة ، وكانت القصبة أهم مكان بالنسبة إلي ، وذلك للكم الهائل من الذكريات هناك ، علاوةً على الراحة النفسية التي أجدها " والمغرب كله راحة نفسية من طنجة حتى الكويرة" ، ومررنا بشالة أيضاً و المدينة والأسواق " النساء والأسواق " معادلة صعبة " ، ومررنا بباب الرواح وتجولنا في عدة مناطق وكان لحي المنزه والفتح والسلام نصيباً أكبراً من الزيارة .
علماً بأني أردتُ زيارة " عبد العزيز " وإلقاء التحية عليه فلهُ في قلبي مكانةً لا يعلمها إلا الله .



بعد الغداء ثقلت الخطوات وذبلت الحماسة ودب النعاس ، فاتجهنا إلى المارينا للجلوس قليلاً وتغيير الأجواء حتى قبل صلاة العصر ، وركبنا المركب

ولقد شاهد أبو حسن " زخ مطر" تلك الصور في المركب والتي تضمنت إحداهن قرب سقوطي نظراً لارتفاع الأمواج.


لا تعليق !!
السندباد يعود مجدداً لكن في الرباط .


وما بين الضحك والمواقف الطريفة ظلت الساعات تطوي صفحاتها .

ساري أحمد 18-02-2015 02:28 PM

رد: ذِكريات المدينة القديمة تحت زخات المَطـر
 
خرجتُ إلى شارع محمد الخامِس بعد وصولي بساعتين تقريباً ، رغبةً مني في تجديد الولاء للدار البيضاء
ومصافحة كفوفها الباردة مساءاً والوقوف عند بعض الذكريات ، بالقرب من الشيراتون وتحديداً عند المطاعم الكائنة بالزاوية اليمنى للشارع وما بينَ الضجيج الجميل والصخب العذب كنتُ استمعُ لعزف ذلك الرجل ، وقفتُ عندهُ وسألته بأن اعزف شيئاً في نفسي وقبل أن اعزف قال : سأعزفُ لك اغنية "طلال مداح" فأجبته : صوت الأرض
اسمعنا ما تحفظه من الأغاني ، وبالفعل عزف وأتقن وأجاد اغنية طلال رحمه الله [ أغراب ] ، فأخذتُ منه العود لأسمعه : مرسول الحب فين مشيتي فين غبتي !! نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
لـ عبد الوهاب الدكالي ، ابتسم مطولاً وقال : رائع عزفك ، اسمعني اغنية لطلال !!
فعزفت له : أحبك لو تكون حاضر ، ثم قال : محمد عبده ..!
يا صاحبي ستجتمع الناس من حولي ونحنُ هنا فلا أريد إثارة أي شيء ولا طاقة لي بالعزف !!
فأنا أعزف على قدم واحدة وقدمي الأخرى تثبت العود ..!


اشعل سيجارته اللاذعة الحارِقة وتنهد قائلاً : من بعد طلال ماتَ الفَن !! نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة


أهديتهُ ديوان للشاعر العراقي (أحمد مطر ) والذي كنت قد اشتريته فيما سبق من أحد الباعةِ المتجولين
وأهديتُ ذلك الطِفل أيضاً الذي كانَ يستمعُ إلينا قطعة شكولاته فرنسية كانت في معطفي .


اشعرُ بنشوةٍ عارمة في الدار البيضاء وسرور لا أجدهُ في المدن الأخرى رغم عشقي للمغرب قاطبة لكن !!
القلب وما يميل إليه وما يهوى .

ساري أحمد 18-02-2015 02:28 PM

رد: ذِكريات المدينة القديمة تحت زخات المَطـر
 
[ قصتنا مع تلك المرأة ]





قررنا في صباح الغد أن نتجه إلى " طماريس" أنا و أخي "سعد "
قلتُ لهم بأني جائع وعلينا أن نتناول الغداء في مطعم " النجمة " ومن ثم نمضي إلى "طماريس" ، اتفقنا على الأمر وخرجنا سيراً على الأقدام ، وفي منتصف الطريق حدثت لنا قصة !!

القصة مضحكة مبكية مؤلمة ، طاردتنا تلك المرأة تطلب منا أن نساعدها ونقدم لها المعونة فأخرج أخي مبلغاً من المال وقدمهُ لها أما أنا فلم يكن لدي "فكة" ولم يكن هنالك إلا الزرقاء "200 " درهم
ولأننا سنكون في طماريس فالوضع "تقشف" و " حرص " ، قالت : وأنت لماذا لا تعطيني ؟

ظللتُ صامتاً مكملاً لخط سيري تجاه المطعم لكن المرأة "هداها الله " أبت إلا أن تفتعل أمراً لتجمع الناس من حولنا ، ضاق صاحبنا ذرعاً بها وخرج عن طوره ، قالت له المرأة كلاماً بذيئاً جداً واتهتمه بأقبح التهم و رمتهُ بأشياء يشيبُ لها الرأس وفوق هذا كله بصقت عليه !!
وصاحبنا يا جماعة " بركان خامد " وأعرفه جيداً فهو مجازفٌ جداً وابن الحَي المحمدي ، دخلتُ بينهما لأفرق !!
تخيلوا بدأت المرأة ترفع يدها وتتعارك مع صاحبنا ، ولا أكذب عليكم إذا ما قلتُ بأننا اقتربنا عند الشيراتون !!
لأننا تفاديناها كثيراً لكنها مصرة على أن تأخذ سهمها مني ولا أعلم الطمع الذي انتابها ..!

ثم أخذت تشتمنا جميعاً ، أنا وسعد اشفقنا عليها لأنها تحمل ابنها فوق ظهرها لكن صاحبنا !!
شعر بأنها اهانته إهانةً عظمى ولستُ أدافع عن أحدٍ هنا ، لكن !!
كان حرياً به تجاهلها حتى وإن بصقت فلا حل يأتي مع العِراك ، وكنتُ مخطئاً في نظرتي هذه ، أ تعلمون لماذا ؟
لأنها رفعت علينا سِلاحاً كاد أن يخترق صدر صديقنا لولا لطف رب العباد !!


قدمت الشُرطة

و

لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم !!

ساري أحمد 18-02-2015 02:29 PM

رد: ذِكريات المدينة القديمة تحت زخات المَطـر
 
تجمعت الناس من حولنا والشرطة كذلك ، وأخذ رجال الشرطة يسألون الحشود عن الموضوع ولم يسألوني أنا وأخي ، لكنهم لاحظوا بأني أفرقُ بين صديقي والمرأة فظنوا بأني لست معه !!
وقال صاحبنا : سأذهب أنا و عد إلى المنزل أنت وسعد ولا تحمل هماً !!



قدم إلي رجل آخر وأظهر لي الرخصة السعودية وبأنهُ كان في مؤسسة تابعةٍ لـ فيصل الشهيل رجل الأعمال المعروف بالمنطقة الشرقية ونصحني بأن لا أذهب مع الشرطة مهما كانْ ، قلتُ له : لا تخف فإني لن أركب معهم
قال ولا حتى تقدم شهادة لأنك قد تتحمل الكثير من اللوم وقد يحدث مالا يحمد عقباه !!


عادت الشرطة ونزلت المرأة وسألتني قائلة : شهادة لوجه الله أمام الملأ !!
هل ضربتُ أنا الرجل الذي معكم ؟
تشير بهذا إلى صديقنا
قلتُ نعم وكدتِ أن تزهقي نفسه !!
وبصقت عليه !!

المسكينة انهارت وأخذت تتوسل للشرطي ، والله الموقف آلمني كثيراً لكن لو كنتم مكاني فما أنتم فاعلين ؟

ساري أحمد 18-02-2015 02:29 PM

رد: ذِكريات المدينة القديمة تحت زخات المَطـر
 
انتظرت " صديقنا " حتى يخرج من القِسم ، وما هي إلا نصف ساعةٍ حتى هاتفني وقال بأنهُ قادمٌ إلينا !!
أجبتهُ بأني ألغيتُ فكرة " طماريس" وأنا الآن في " الكورنيش " بالقربِ من المَنارة ، قدم إلينا بعد أن اتجه إلى البيت وتناولنا أشياء خفيفة وقررنا تأجيل فكرة "طماريس" إلى أجلٍ غير مسمى .


ما أجمل منظر البواخِر الجاثمة على المحيط وما أجمل عزف النوارس وإطلالة الأمواج ، الهواء النقي ينسابُ بعذوبةٍ ويتسلل خلسةً إلى رئتي ، كم أنتِ كريمة يا " كازا "


كانت عقارب الساعةُ تشير إلى قرب موعدِ الزَّوال فآثرنا العودة إلى المنزل و الجلوس مع الأصدقاء لاحقاً في المطعم الصيني " وسط المدينة" ، ذلك المطعم الصغير الذي بالكاد أن تراهُ العين نظراً لموقعهِ الذي لا يتطرق للأذهان.

قدِم إلينا الأخ " عزيز " من الحُسيمة ، الذي قضى 20 سنة في هولندا ، بل حينما رأيتهُ أول مرة ظننتهُ هولندياً !!

رسم "سعد" و " عبد العزيز " الخطة للخروج هذا المَساء ولم يكن علي سوى التأييد فإني على علم بأنهما ثنائي الروعة والأفكار الـ " مُروعة " !!

وكنتُ على يقين بأنهما سيقرران تناول العشاء في المطعم الصيني كما ذكرتُ سابقاً ،اتفقنا على تناول العشاء هنالك ، لكني قلتُ لهم بأني سأتأخرُ قليلاً لانشغالي في بعض الأمور .

ساري أحمد 18-02-2015 02:29 PM

رد: ذِكريات المدينة القديمة تحت زخات المَطـر
 
أتيتُ إلى المطعمِ الصيني والأدخنةُ تتصاعدُ تلقائياً والضوء الخافت يلامسُ عيني التي طغى عليها النُعاس والموسيقى الهادئة تداعبُ مسمعي ، لم ألقِ لكل هذا بالاً ورحتُ أبحثُ عن رفقتي ، حتى وجدتهم في أقصى المطعم ، تناولنا العشاء الصيني وخططنا للخروج لاحقاً إلى " عين الدياب " ، وكما قال سعد : عين الدياب هو نقطة الانطلاق ونقطة التجمع حتى وإن أتيت إليه ألف مرة فإنك ستكتشف أشياء جديدة وتشتاقُ إليه مجدداً .



وصلنا إلى الكورنيش رغبةً منا في إطلاق سراح الأرجل وتخفيف الأوزان الهائلة التي حملناها في بطوننا ورحنا نتبادل أطراف الحَديث حتى بلغنا منتصف الطريق تقريباً ، وبالقربِ من مطعم " السعد " راودتني فكرة احتساء القهوة " الكحلا " لكن الأصحاب اختلفت آراءهم و اتفقوا لاحقاً على شربها في مطعم "الدار البيضاء" في فندق حياة ريجنسي !!

يا أصحابي لماذا نشربها هناك ونحنُ هنا قريبين ؟ والأجواء أفضل ؟!

ساري أحمد 18-02-2015 02:29 PM

رد: ذِكريات المدينة القديمة تحت زخات المَطـر
 
ما أجملكِ يا " كازا " !!

وما أعذب همسك الذي يدخلُ إلى القلبِ دونَ توقف ، في طريق العودةِ نرى " جامع الحسن الثاني " وأنوارهُ تعانقُ السماء في لوحةٍ خيالية رائعة والسحبُ كأنها ترسم ظِلال المئذنة العالية ،كانت النفسيات مرتفعة والمعنويات عالية ؛ كيف لا ولقد صافحتُ عين الدياب مجدداً وخطت أقدامي على أرصفته "قصائد الجنون ".



وصلنا إلى فندق " حياة ريجنسي" ، وما إن تصل إلى هُناك حتى تجد أولئك الموظفين بالرداء الأسود وأجهزة الإرسال الموصولة في آذانهم ، بشكلٍ يذكرك برجالِ الإف بي آي ، دخلنا إلى الفندق الكَبير والأضواء كأنها أقمار متدلية من عنقِ السماء ، واتجهنا مباشرةً إلى المطعم الموجود في نهايةِ الرواق تدفعنا أمواج " القهوة " التي صارعناها مطولاً هذا المساء .

أخذنا موضعاً لنا في أقصى الزاوية وطلبنا القهوة وبعض الحلويات .


المطعمُ يعج بشتى الجنسيات ومختلف اللغات ، والكُل في رحلةِ الفكر تائه ، كانت أصواتنا ضائعةُ في معمعةِ الضجيج حتى أتت تلك الفرقة الموسيقية التي زادت الطين بلة وارتفعت الأصوات وبدأت الأغاني تأتي إلى مسامعنا كأنها فيضان عرم ، قلتُ للأصحابِ بأني سأخرجُ لاستنشاق الهواء الطلق فلقد ضاقَ صدري من الأدخنة المتصاعدة وتشبعت النفس من كُتِل الدخان ، بالرغم من أني مدخن لكن لا منفذ لتلك الأدخنة إلا الهرب إلى خارج المطعم .

ساري أحمد 18-02-2015 02:30 PM

رد: ذِكريات المدينة القديمة تحت زخات المَطـر
 
عند خروجي إلى باب الفندق الخارِجي صدفتُ بعض الحُراس الذين انشغلوا بترتيب الأوضاع واستقبال النازلين لديهم ، دعاني الفُضول إلى التوجه إلى مقهى "فرنسا" لتناول " الكحلا" لكن بصورةٍ شعبية رائعة ، على اليمين من المقهى كانَ هنالك شابٌ يبيع "الصحف" وبعض " العطور " اخذت من عنده صحيفة المساء وأتخذتُ مقعداً لي في المقهى ، الجَميل في هذا المقهى أنك تشاهد الجميع ما بين الغدو والرواح وتتأصل البساطة فيه وفي خدمته البسيطة ، وفيما مضى كنتُ أتناول قهوتي سريعاً بعد صلاة العَصَر ، على الجوانبِ الأخرى من المقهى تجد العديد من الباعة المتجولين الذين يعرضون خدماتهم وبضاعاتهم ، قدمتْ إلي سيدة بانت عليها ملامح التقدم في السن وسألتني بالمغربية الدارجة عَنْ أقرب مركز شرطة !!


أجبتها بأن القسم في مكانٍ ليس ببعيدٍ من هُنا ووصفت لها ، ثم عدتُ إلى طاولتي لكني وجدت أحدهم وبرفقة زوجته وابنته الصغيرة في طاولتي


دفعتُ الحِساب وعدتُ إلى الأصحاب !!


المنظر الجَميل يكمنُ في تلك الخطوات المارة على الرصيف وفي الشارع ، والازدحام الذي لا يهدأ أبداً
والسباق المحموم بين المُشاة والسائقين ، بلغتُ مرادي وقضيتُ أغلب الوقت برفقة الزملاء حتى انتصف الليل
فقررتُ العودةَ إلى المنزل والإرهاق أخذ مِني ما أخذ والتعبُ دبَّ في جسدي.

ساري أحمد 18-02-2015 02:30 PM

رد: ذِكريات المدينة القديمة تحت زخات المَطـر
 
" أبوس عينك قُل لي من وين جايب رقتك " !!

كانَ مذياع سيارة ذلك الشاب يصدحُ بأعلى صوتٍ لأغنية نجوى كَرم !!
في مساءٍ باردٍ للغاية وفي " زنقةٍ" ذات اتجاه واحد فالسيارات تمرُ فقط ولا تستطيع العودة ، وأهل الحَي في سباتهم ، وكل هذا في المدينة القَدِيمة !!

كنتُ وحيداً ذلك المَساء كعادةِ "المجانين" حينما يفقدون تركيزهم وتأخذهم "الأفكار" إلى وادٍ غير ذي " عَقل " !!
ولا أخفي عليكم بأني اشتقتُ للذكريات الأولى لي في كازا ، فقررتُ التوجه بالقرب من فندقٍ قديم كنت قد سكنتهُ فيما مضى وكانت زيارتي للسلام على صاحبه و العاملين به .


في الطَريق إلى الفُندق أخذتني خطوتي واشتياقي للجميع هُناك ، تجاوزت الأحياء و أخذتُ طريقاً مختصراً لأصل
وكانت الساعةُ تشير إلى الواحدة والنصف بعد منتصف الليل تقريباً ، قدمت بمحاذاتي فَتاةٌ في مقتبل العُمر بدت ملامح الحيرة عليها والقَلق وأخذت تسألني : هل رأيت طفلاً صغيراً مر من هُنا ؟

أجبتها بأني لستُ من أهل المدينة ولم يمضِ لقدومي الحي إلا بضعُ دقائق ،راحت في نوبةِ بكاء هستيرية وخشيتُ أن يعتقدَ أحدهم بأني افتعلتُ مشكلةً معها ولكم أن تتخيلوا كازا في منتصف الليل !!
حاولت تهدئتها بزرع الأمل في نفسها بأن شقيقها سيعود ، لكنها أردفت قائلةً والدمعُ يغتال حروف كلامها : لسنا من أهل الدار البيضاء وأخشى أن يكون هنالك مشكلة أو وقع خطبٌ ما !!


قدمت مجموعة من الشُّبان وهنا لا أخفي عليكم بأني خشيتُ أن أسقط في أيديهم أو تكون الطامة الكُبرى !!
استغفرت الله كثيراً في نفسي وتبتُ إليه وجمعتُ أنفاسي المضطربة ودعوته بأن يفرج عني كل حَزَن وبلاء .

ابتسم أحد الشبان وقال : لماذا جعلت " الحبيبة" تبكي ؟ أ هكذا يكون جزاؤها ؟
يا لقسوة قلبك !!

وكأنهُ فتح لي باباً آخراً أهربُ منه و أشرتُ له بعيني بالرضا وبأن الأمور على ما يُرام ، ومضوا في سبيلهم !


هنا تنفست الصعداء والفتاةُ المسكينة لا تعلم ما القصة لكنها كانت خائفة لولا ستر الله لأصبحنا ذلك المساء في نشرةِ الأخبار الصباحية !!

طلبت المسكينة بأن تمضي بجانبي ولا ألومها فالخوف تكاثر في قلبها والمدينة القديمة مساءاً مرعبة لغير ساكني البيضاء ، قلتُ لها بأني سأتجهُ إلى الفندق المجاور لزيارة بعض الأصدقاء ومن ثم سأمضي إلى المنزل وأتمنى أن يعود أخيك .

لم يتبق على الفندق إلى خطوات بسيطة والخوفُ مسيطرٌ على الوضع بالفعل لم أكن خائفاً على نفسي لكني خشيتُ على الفتاة المسكينة التي لا حول ولا قوة لها هُنا فأنا استطيعُ أن ادافع عن نفسي على أقل تقدير
لكن هي ؟


انبثقت أضواء الفندق وصافحت عيني تلك الألوان الجميلة وخرجت زفرات الفرح من صدري لكن المفاجأة !!

كانت بظهور ذلك المترنح "المخمور" وبيده تلك القارورة ذات الأطراف المكسورة ، تمكن من إبقاء الفتاةِ في زاوية الشارع فاضطرت إلى الاحتماء بالجدار ،وغابت عن بالي حقيقة المسكينة لأنها كانت تمشي ببطء وخوف وحذر ،
الآن المصيبة في إيجاد حلٍ لهذا المخمور ، هرعتُ إليها ولا أبالغ إذا ما قلتُ بأني استخدمتُ العنف مع ذلك الرجل وكانت فرصتي حينما وجدتهُ على شَفير السقوط فباغتهُ بضربةٍ آلمتني أكثر مما آلمته .

قدم إلينا حارس الفندق ويدعى " عبد الإله " وأخذ بضرب المخمور حتى أسقطهُ على الأرض واجتمع البشر
وكان هنالك مجموعة شُبان من الخَليج خرجوا من الفُندق في صورةٍ دراماتيكية و وسط آهات الرجل ودموع الفَتاة


نزل بعض الشُبان من الحَي و قدموا إلينا وبأيديهم بعض المضارب والألواح وتجمهروا حول الرجل سيء الذكر وأخذوا يكملون عليه وكادو أن يجهزوا عليه ، تيقنت بأنها فرصتهم للنيل منه واتضح فيما بعد بأنهُ كان يؤذيهم بأفعاله .

أما الفتاة المسكينة اضطررت أن أحضر لها سيارة " أجرة " لتعود من حيث أتت لكن المصيبة كانت بأن جميع سائقي الأجرة يطلبون أسعاراً خيالية !!
ظناً منهم بأن الفتاة خارجة من فندق أو ؟ ولمجرد تأخر الوقت فإنهم ينظرون إلى الفتاة بأنها رخيصة !!

يا لهذا الجشع والطمع وفساد القلوب والضمائر !!
قمة الاستغلال !!

قالت سأعود من حيث أتيت مشياً على الأقدام !!
لا و الله لن تعودي مشياً على الأقدام وستذهبين معززة مكرمة ، هل البيت بعيد من هنا ؟
نعم إنه بعيد بعض الشيء ..


اتفقتُ مع مدير الفندق بأن يساعدني باثنين من حُراسه ليكونوا بمعية الفَتاة وبأن أجرهم سيكون علي

وفعلاً لم يكن هنالك حرج وتم الاتفاق ، ولكم أن تتخيلوا أجساد الحُراس في الدار البيضاء !!

ساري أحمد 18-02-2015 02:31 PM

رد: ذِكريات المدينة القديمة تحت زخات المَطـر
 
جلستُ في حديثٍ ودي مع مدير الفندق " داوود " وأخذ يحدثني عن الضرائب المتعلقة بالفنادق التي يملكها
وبأنه سيفتتح قريباً فندقاً جديداً في وسطِ المدينة فئة " 4 " نجوم بل وشرح لي تفاصيله كاملة و حدد موعداً معي لمشاهدة الفندق عن كثب ، وأخذ يتذمرُ من المشاكل التي تحدثُ بالقرب من الفندق في كل مساء والمشاكل العديدة وبأنه قلقٌ على سلامة أبناء الحَي أيضاً ويأمل ألا يكون هنالك لهم ازعاج .


الساعةُ الثانية تقريباً بعد منتصف الليل وكازا لا تعرفُ النوم أبداً والأصواتُ ما زالت تزحفُ نحو شواطئ مسامعي والفكر مسافرٌ باتجاه المنزل و وتلك الفتاة المسكينة ، بعد عودة الحُراس سألتهم عن الأوضاع كيف سارت معهم وهل كل شيء تحت التصرف فأجابوا بأن كل شيء على ما يُرام .


استأذنتُ من السيد " داوود " وأخبرتهُ بأني ذاهبٌ إلى المنزل ، لكنهُ قال معاتِباً : يا بُني إن الوقت متأخر والدار البيضاء في هذا الوقت مرعبة سأقلك إلى منزلك أو على أقل تقدير سأوفر لك غرفة ترتاحُ بها حتى الصباح الباكِر.
لكني اعتذرتُ له بشأن المبيت في الفندق و أصر على رأيه وقال : الغرفة مجانية يا بُني !!

ليست المسألة هكذا صدقني ، فقط أريد الذهاب إلى البَيت.



ابتسم و قال : المغربية تغارُ عليك وتخاف أيضاً من أن تتأخر حتى هذا الوقت وما أظنها إلا منتظرةً قدومك مع كم هائلٍ من الأسئلة .


صعدتُ إلى سيارته و أوصلني إلى المنزل ودعوتُه لتناول الغداء لدينا لكنهُ سبقني قائلاً : سأكون في بلجيكا بعد غد وأرغبُ في الاستعداد للسفر وإذا كان هنالك متسع من الوقت فإني سأتناول القهوة معكم .

ساري أحمد 18-02-2015 02:31 PM

رد: ذِكريات المدينة القديمة تحت زخات المَطـر
 
[ أتعجبُ كثيراً ممن يسألني قائلاً : هل المغرب آمِن ؟ يُشعرني بأنهُ لا يفقهُ شيئاً في المغرب وبأنهُ خائف !! عزيزي الخائِف إن أنت لم تقدم على شيء يغضبِ الله ولا يضر عباده فإنه لا خوف عليك ولا تحمل في قلبك ريبةً ولا شكاً وعليك بتقوى الله وتجنب المشاكل والابتعاد عن مواطِن الشُبهات ]

ساري أحمد 18-02-2015 02:31 PM

رد: ذِكريات المدينة القديمة تحت زخات المَطـر
 
سيمو ..



اصبحنا وأصبح الملكُ لله !!

الهاتِف ، يا لهذا الرنين المتصاعد صباحاً كأبخرةِ البُركان ، أهلاً " عيوني " !!

ألى يهنأ الإنسان بنومهِ بارك الله فيك ؟

هل بإمكانك القدوم إلى " القُدس " ؟
كلا يا " عيوني " فممنوعٌ أنا من السفر إليها !!


" يا لخفةِ دمك على وجه الصباح " !!

ويا لبرودةِ أعصابك في هذا الصباح



ما الأمر ؟ هل يتطلب الأمرُ قدومي إلى القدس ؟
ومن سيقلني بالسيارة !!

حفظكِ الله يا نور عيني إن السيارة ليست معي لقد أخذها "أخي "

عليكِ بتنشيط الدورة الدموية في هذا الصباح وأخذ سيارة أجرة !!





كنتُ أمازحك سآتي إليك فقط أمهليني بضع دقائق لأوافيك ، حسناً لا تتأخر ..



هاتفتُ سعد في تباشير الصباح و أجابني بصوتٍ رخيم : يا صباح الخَير !!

أريد السيارة يا أبا " سارة "

انفعل [ يا خي والله إنك رايق تبي السيارة تعال خذها و ريحني مصحيني الصبح ] !!


الساعة الآن 08:01 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Friendly URLs by vBSEO