بسم الله الرحمن الرحيم

خمسون دولة .. ومازلت أستكشف!

كنت وقتها أصغر الأبناء وكان والدي في بداية تجارته ، كنا نسكن الطائف وهي مدينة صغيرة جنوب مكه ، كان يسافر إلى الشام والكويت كثيرا بالسيارة ليشتري بضاعته ، أتذكر أنني كنت أنام في المقعد الخلفي في السيارة لساعات طوال ، أتذكر رائحة سيجارته وسماع أغاني أم كلثوم وعبدالحليم طوال الطريق ، كنت مابين الرابعة إلى السادسة من عمري ، أتذكر كثيرا من ملامح دمشق القديمة وقتها وفندق إسمه سمير أميس لا أدري أين صار.
كبرت وكبر حب السفر في داخلي ، كنت أقرأ عن السفر وأستمتع بحكايات المسافرين ، سافرت مع والدي بعض سفرياتي بين أمريكا وإيطاليا ومصر وبريطانيا ، ثم بدأت رحلاتي بعد وظيفتي وبدأت إكتشافاتي.
في 1996 كانت رحلة إلى سوريا ولبنان ، في 1997 سافرنا أنا وأخي الكبير إلى أمريكا ، كانت لديه إجتماعات في شيكاغو فرافقته ، أسبوع في شيكاغو تعرفت عليها وعلى برجها (سيرز تاور) ووسطها المزدحم ومتحف العلم والصناعة والحياة الأمريكية الصاخبة وحضرنا مباراة بيسبول لأول مرة في حياتي ، من هناك إلى أورلاندو أستمتعنا فيها بالديزني والعروض العديدة الأخرى ، في 1998 سافرنا سوية مرة أخرى في جولة أوربية شملت باريس في فرنسا ثم أمستردام في هولندا ثم أنتويرب في بلجيكا ثم إلى لندن في بريطانيا ، زرت لبنان بعدها ، كانت رحلة عائلية إصطحبت والدتي لنقاهة قصيرة بعد حمى أصابتها وأتعبتها فترة من الزمن ، أسبوع كنت فيه مع أقاربي سكنا فيه في بيروت ودرنا كثيرا من المدن ذهابا وإيابا.
بعد زواجي قضينا شهر عسلنا بين سنغافورة وماليزيا ، لم يكن كثير من الناس زاروها بعد ، وقضينا وقتا جميلا بين عدة مدن في ماليزيا ، إنشغلت في رحلات عملي بين القاهرة ودبي والبحرين في عدة رحلات ، ثم بعد سنوات قليلة زرنا المالديف وسيرلانكا في رحلة إستكشافية إستمتعنا فيها جدا مع إبنتنا الصغيرة والوحيدة وقتها ، سافرنا سوية إلى لندن بعدها التي كنت أعرفها من زيارات عديدة سابقة ، زرت جنيف لأول مرة لمعرض طيران ، ثم تكررت زياراتي لباريس ولندن لعملي ، في 2005 أضطررت لزيارة دمشق التي كنت تركتها آخر مرة في 1996 وذلك لأن والدي رحمه الله كان هناك ومرض فأضطررت للحاق به وإعادته بطائرة خاصة للوطن ، بعدها مباشرة قضيت شهرا كاملا في الولايات المتحدة بين أورلاندو وميامي وكولومبوس في أوهايو ولاس فيجاس ثم لوس أنجليس والعودة عن طريق نيويورك.
أول رحلة شتوية لمشاهدة الثلج مع زوجتي وأبنائي كانت في نهاية العام 2006 حيث قضينا أربعة أيام في باريس وشاهدنا إحتفالات رأس السنة ومن هناك إلى ميونخ في ألمانيا ثم إلى قرية في النمسا قرب إنيسبروك قضينا فيها أربعة أيام بين الثلوج في كوخ رائع ، عدنا بعدها إلى باريس ، كان عملي يتطلب سفري كثيرا إلى باريس وجنيف وزيورخ في تلك الأيام ، وكنت في إحدى هذه المدن شهريا ، في نفس تلك السنة زرت إسطنبول لأول مرة وأقمت فيها أحد عشر يوما في أحد أجمل فنادقها شيراجان سراي كمبسكي لظروف العمل ، في نفس السنة سافرت في رحلة أوروبية بدأناها من مدريد إلى لشبونة في البرتغال إلى أشبيلية ثم غرناطة وقرطبة وملقا ثم باريس وعدت من هناك وحدي إلى أبوظبي لإجتماع عمل.
خلال سنتين لاحقتين تكررت زياراتي كثيرا إلى باريس وجنيف وتولوز ، زرت أيضا قطر في زيارة عائلية ، اليمن والدنمارك وهولندا والهند والبحرين ومصر للعمل ، أمريكا زرتها من أورلاندو إلى هيوستن وسان أنتونيو ونيويورك ، ثم في صيف 2009 كنا في زيارة ستة دول في شرق آسيا بدءا بماليزيا ثم هونج كونج والصين وماكاو والفلبين وأندونيسيا ، بدأت بعدها هواية الدراجات النارية التي قادتني لزيارة دول عديدة منها سويسرا والأردن وأسبانيا شمالها وجنوبها ، ثم في رحلة مع أصدقائي في 2014 بين فرنسا وموناكو وإيطاليا وسويسرا ، في 2015 زرنا النرويج والسويد وفي 2016 كانت رحلتنا بين ألمانيا وسويسرا وإيطاليا وسلوفينيا وكرواتيا ، ومع زوجتي بين ألمانيا والنمسا وليختنشتاين وسويسرا.
في أكتوبر2013 كنت أبحث عن مغامرة جديدة فزرنا روسيا بين موسكو وسان بيترسبيرج كانت لنا العديد من المغامرات والذكريات التي لا تنسى ، ثم في صيف العام 2014 كنا في رحلة آسيوية بين الفلبين وماليزيا وفيتنام ، وبسبب عملي في السنتين الأخيرتين في ميونخ ، كنت أزور إحدى الدول القريبة كلما سنحت الفرصة وقضينا إجازتي صيف في زيارة دول جديدة ، زرنا في صيف 2015 كلا من ألمانيا والتشيك وبولندا وسلوفاكيا والمجر وكرواتيا وسلوفينيا وإيطاليا ثم سويسرا وليختنشتاين والنمسا ، وفي زيارة عمل سريعة ليومين زرت المغرب في صيف 2015 ، ثم في أول العام 2016 زرت إيرلندا لأول مرة ، ثم كانت رحلتنا في الصيف بين ألمانيا ولكسمبورج وكرواتيا والبوسنة والهرسك وجمهورية الجبل الأسود ، وإختتمنا العام في آخر أيامه أنا وزوجتي العزيزة بزيارة الفاتيكان لتكون الدولة رقم خمسون بالنسبة لي.
جربت السفر برا بالسيارة والباص والقطار وبالدراجة النارية ، سافرت بحرا بالباخرة والطوافة والعبارة ، سافرت جوا بالطائرة العامودية وعلى الطيران الإقتصادي والدرجة السياحية ودرجة رجال الأعمال والدرجة الأولى وبالطائرة الخاصة بأنواع عدة منها الهوكر والليرجيت وجولف ستريم والجلوبال والإيرباص A318 وA319 وA320 ، جربت النوم في البر في العراء تغطيني النجوم وجربت أنواعا من النزل للرحلات كأكواخ وشاليهات ، وفنادق من جميع الدرجات ومن أقلها إلى أفخمها ، حضرت معارض عديدة ولقاءات وإجتماعات ومؤتمرات ودورات ، إلتقيت بأنواع وأشكال عديدة من الناس في كل مكان وأحتفظت بذكريات لا تعد و لا تحصى ، جربت من الآكال مالا يعلمه إلا الله ودعيت إلى أفخم الموائد وأستمتعت جدا بأبسطها في أعماق الريف أو في منزل لأحد الأصدقاء ، لدي أصدقاء في بلدان عديدة حول العالم مازلت على تواصل معهم ومازلت أزورهم بين حين وآخر.
قرأت كثيرا عن السفر وفي أدب الرحلات وطفت في عوالم شتى مع أدباء من شتى أنحاء المعمورة ، أسترجع ذكرياتي معهم في بعضها وأسجل البعض الآخر في ذاكرتي لكي أزوره وأستكشفه بعيني يوما ما ، تعلمت أمورا عديدة وخبرات قيمة ولم أبخل يوما على أحد أعرفه أو لا أعرفه بأي جزء منها ، فالحياة تجارب والتجربة لا تقتصر على كبير أو صغير وتدخل في ذاكرة كل منهما بشكل ورؤى مختلفة جميل أن نعرفها ونتعلمها.
مازلت أسعى لزيارة بلدان أخرى ومعرفة شعوب أخرى وتضاريس أخرى ، ومازلت في كل سفر أشكر الله كثيرا وأحمده على نعماءه التي قدرني أن أرى منها جزءا يسيرا وأوسعني على شكره وحمده ، ومازلت أجني ثمار سفري بمزيد من الأصدقاء والأحباب في بلدان الله الواسعة ، ومازلت أتعلم كل يوم شيئا جديدا في هذه الحياة ، وكل يوم اتعلم أن أرى الأمور من زاوية جديدة لم أرها من قبل ، وكل يوم أتعلم من حكم الله مالا يحصى ، وكل يوم أرى أشكال وأنواع من الناس من أصغرهم لأكبرهم وأغناهم لأفقرهم ، إنها خلقة الله (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ).


حسام عابد أندجاني
الأحد 16 جمادى الأولى 1438هـ
الموافق 12 فبراير 2017م















https://www.arabtrvl.com/up/uploads/...4832067018.jpg