12-08-2016, 12:46 PM
|
#2 |
عضو قدير
تاريخ التسجيل : Dec 2014 رقم العضوية : 732 الجنس : انثى المشاركات : 1,600 | أوسـمـة: Deena |
كل الاوسمة:2 (more»)
| | قبل الصعود إلى الطائرة تذكرت امراً بالغ الأهمية نسيته في غمرة الانشغال والانزعاج: كان موعد وصولي إلى الفندق هو 19 أبريل، ولكنني لن أصل قبل العشرين منه مما قد يعني إلغاء حجزي وضياع الغرفة ، بل وخصم كامل مبلغ الحجز من بطاقتي! سارعت بالاتصال هاتفياً بالفندق وأخبرت الموظفة بأنني سأصل متأخرة يوماً كاملاً .. أفهم أنني سأدفع تكلفة تلك الليلة لكن أرجوك لا تلغي حجزي ولا تعطي الغرفة لشخص آخر والحمدلله أبدت تفهمها للأمر وأخبرتني بأن الغرفة ستبقى محجوزة رغم أن عليّ دفع قيمة الليلة الأولى بالطبع .. ابتسمت لنفسي وأنا أتخذ مقعدي في الطائرة. إنها جنوب إفريقيا، فكيف للرحلة أن تكون سلسة خالية من الأحداث؟ منذ اللحظة التي قرأت فيها ذلك الكتاب سمحت للبلاد بأن تلقي بتأثير سحرها عليّ، ولهذا رأيت أن كل ما يحدث هو جزء من الرحلة - لا يمكن أن تمر بلا مفاجآت، تماماً كرحلة جايمي مكغريغور من اسكتلندا إلى كليب دريفت بحثاً عن الماس... هل عدت بكم إلى الكتاب؟ حسناً، مرت الرحلة إلى دبي بكل سلاسة، وهناك كان بانتظاري ترانزيت لمدة 6 ساعات ليلية كاملة... ربما هو الوقت الأسوأ للانتظار بين الرحلات بين العاشرة ليلاً والرابعة صباحاً .. ورغم تلك المدة الطويلة كنت أعبر المسافات في المطار الضخم بسرعة يبدو أنها لفتت انتباه أحد المسافرين فصاح مندهشاً .. لماذا تسيرين بهذه السرعة!؟ نظرت إليه متسائلة فقال أنه يقصدني ما بال الناس يتدخلون في ما لا يعنيهم!؟ لكن كبر سنه نسبياً جعلني أوميء برأسي واتمهل قليلاً فقال: يا بنتي، الدنيا مش طايرة، شوي شوي وانت بتمشي .. كم مرة سمعت هذه العبارة في مواقف مختلفة؟ هل صحيح ان "الدنيا مش طايرة"؟ الحياة، كما أفهمها، تطير من أيدينا وتنساب من بين أصابعنا في كل لحظة ! واصلت سيري السريع غير عابئة بملاحظته. كنت قد حصلت على بطاقات البوردينغ والحقائب كاملة في مطار عمّان ومعها قسيمة تناول الطعام في مجموعة من مطاعم المطار، نظراً لأن الانتظار يستمر ستة ساعات. ولكنني كنت قبل ذلك حجزت في صالة "مرحبا" بغرض الاستفادة من اتصال الإنترنت وبوفيه الطعام ومكان الراحة والصلاة وغير ذلك .. مرت الساعات سريعة في الصالة والحمدلله، وكذلك تكون ساعات الانتظار في طريق السفر.. أما العودة فتمر دوماً بطيئة مملة... صعدنا إلى الطائرة في بداية رحلة تستمر 9 ساعات و 45 دقيقة .. نويت خلالها النوم المتواصل ولهذا لم ألاحظ أصلاً الرجل الوقور الجالس على المقعد المجاور إلا بعد أن مرت حوالي ست ساعات على الرحلة. للوهلة الأولى قدّرت سنه بحوالي السبعين عاماً، وبعد ان حيّاني بابتسامة لطيفة، سألني إن كنت أرغب بتناول الطعام ليطلب من المضيفة إحضار وجبة لي. شكرته وانا اتململ وأبحث بين حلقات المسلسلات الكوميدية على شاشتي عن حلقات تقطع ما تبقى من الوقت. إلا أن الرجل الطيّب لم يكتف بإجابتي وتحفظي الواضح، فكان يوجه سؤالاً كل بضع دقائق، أجيبه من باب الاحترام ومن ثم أعود إلى شاشتي .. ولكن في النهاية استسلمت للحوار معه .. اكتشفت فيما بعد انه رجل أعمال يمتلك فندقين، يدير جمعيات خيرية ورياضي حاصل على عدة بطولات محلية ودولية في ركوب الدراجات - وهو في عمر الثالثة والثمانين!! كان عائدا من بطولة ما في اسكتلندا ومتجهاً إلى أخرى في البرتغال بعد شهر ... وانا، أقضي وقتي بالنوم ومتابعة المسلسلات  اعطاني بطاقته عندما وصلنا وأوصاني بأن أتحدث إليه في أي وقت احتجت للمساعدة أو رغبت في رفقته وعائلته. ولشدة طيبة الرجل واهتمامه -حيث بعث إلى بعد يومين رسالة يطمئن فيها على احوالي و"يعتذر" عن سوء الأحوال الجوية التي قد تعطل جولاتي- أجريت بحثاً سريعاً عنه لأجد هذا المقال الطريف عن رفيق السفر الطيب .. http://gomulti.co.za/2014/04/30/life-lessons-inspirational-81-year-old-stewart-banner/ وصلت إلى كيب تاون أخيراً، ولم أكن أصدق نفسي بينما الطائرة تدور فوق المحيط مستعدة للهبوط في المطار الصغير نسبياً.. مطار هادئ متواضع دون تعقيدات.. صف لمواطني جنوب إفريقيا وآخر للأجانب .. استقبلني موظف الجوازات بابتسامة واسعة وسؤال عن الحال، قبل أن يسألني "متزوجة"؟ أجبته بالإيجاب فعبس وسألني "لماذا لم يحضر زوجك معك".. فضحكت وقلت لا بد أن يبقى أحدنا مع الأولاد .. أجاب بـ "كشرة" مصطنعة: ومن سيعتني بك إن حدث شيء؟ فقلت له لن يحدث شيء في بلد أهله بهذه الطيبة والمرح ! تهلل وجه الرجل وأعاد لي جوازي وهو يتمنى لي رحلة سعيدة وإقامة جيدة,, وطلب مني أن أحضر العائلة في المرة القادمة. طمأنته بانها "زيارة استكشاف" وسنعود معاً في يوم ما .. قريباً. إذا كانت جنوب إفريقيا استقبلتي بحفاوة وانا في الجو، وأنا في المطار، فكيف لها أن تعبس بوجهي بعد ذلك؟ ,المثل يقول "المكتوب باين من عنوانه"، وعنوان الرحلة إلى تلك الفاتنة السمراء كان ترحاب مواطنيها واستقبالهم الدافئ حتى قبل الوصول..  | توقيع : Deena | | "فاطر السماوات والأرض أنت وليي في الدنيا والآخرة توفّني مسلماً وألحقني بالصالحين"
| |
| |