قرّرتُ الوصول لفندقي بالمترو .!! ولو كلّفني ذلك الضياع تحت الأرض لخمس ساعات قادمة .!! هل كنتُ أتجنّبُ مواجهة مباشرة مع أصحاب التكاسي ؟!
هذا صحيح جزئيّا .!
هل كنتُ أبحثُ عن مغامرة صغيرة .؟!
هذا صحيح تماما .!!
استعدتُ ثقتي بنفسي .. وبقدرتي على خوض مغامرات مسلّية .!! كانت الساعة تشيرُ إلى الواحدةِ والنصف .. وقت طويل حتى تغرب الشمس .!
المهمّة الأولى .. أن أتمكّن من نطق اسم المحطّة المقصودة.!! وبعد محاولات جادّة فشلتُ في المهمّة الأولى .. سأستعين بصديق إذن .!!
اخترتُ موظّفا بملامح هادئة .. ليتحمّل أسئلتي التي قد تطول حسب قدرتي على استيعابِ ما يقول .!!
طلبتُ منه أن يقترب قليلا .. ليقرأ اسم المحطّة المسجّلة على شاشةِ هاتفي .!!
انتهتِ المهمّة الأولى بنجاح منقطع النظير ..!!
المهمّة الثانية هي اختيار القطار الصحيح ..!!
لقد شرح لي الموظف شرحا وافيا ودقيقا كيفيّة الوصول للقطار الصحيح .. لكنّي لم أتمكّن إلا من حفظ المقطع الأول من كلامه .!!
هل يتكرّر سيناريو ميونخ ثانية .؟! بنسخة " براغيّة " هذه المرة .. وكلمة براغيّة نسبة لبراغ .!! وليس لأي شيء آخر .!!
لم يكنُ السؤال .. هل سأتوه بين المحطّات وتختلط عليّ الخطوط والمسارات والقطارات .؟!
فهذا سؤال نتيجتهُ محسومة ..!!
السؤال هو .. كم من الوقت سيستغرقُ ذلك .؟!
كم ساعة سأقضيها في هذه الدوّامة .؟!
وحين اكتشفتُ أنّي بدأت رحلة الضياع فعلا .. نظرتُ لساعة الهاتف .!! لأحسب الوقت بالساعة وبالدقيقة.!!
توقّعتها مغامرة متوسطة الحجمِ والتأثير .!!
لكنّ الألغاز جميعها تهاوت فجأة ..
وحلّت الخارطة نفسها .!!
إنّها مجرد خارطة إرشاديّة .. لا تحمل ألغازا ولا أسرارا.!
لقد صمّموها بحيث يفهمها أنصاف المتعلمين .. ومتوسطي الذكاء .!!
ثلاثة خطوط للمترو .. بثلاثةِ ألوان ..
تلتقي جميعها هنا .. في المحطّة المركزيّة .!!
نظرتُ لساعتي .. كان ضياعا لمدة عشر دقائق فقط .!!