شهر مارس 2014 ، يوم 27 الخميس
نكمل حكاياتنا بعد ان بدأناها :
من مالقا
ثم قرطبة
ثم صفراء
ثم لشبونة في البرتغال
ثم اشبيلية
ثم ماربيا
وتورومولينوس، وفينخيرولا، وبنا المدينة، وميخاس
ثم طنجة في المغرب
اصبحنا هذا اليوم مبكراً قبل شروق الشمس
وخرجنا ونحن على موعد مع أعظم وأروع الآثار الأندلسية الباقية،
ومن أبدع الآثار الإسلامية حتى اليوم بما حواه من بدائع الصنع والفن
اتجهنا شمال شرق حيث نبعد ساعة ونصف تقريباً عن هدفنا
وكنا نخشى ان لا نصل على الموعد ، لأن أخذ موعد جديد يحتاج إلى معاناه كما سمعنا
اشرقت الشمس ونحن على الطريق
كانت وجهتنا إلى مدينة غرناطة
(بالإسبانية: Granada)
وهي من المدن الجبلية، حيث ترتفع عن سطح البحر بحوالي 700 متر
فهي واقعة على سفوح جبال سييرا نيفادا.
وكانت آخر معاقل الأندلس بلاد العلم والفقه والحضارة
كانت وجهتنا بالتحديد إلى
قصر الحمراء
من أعظم واروع الاثار الاندلسية على الاطلاق
يأتي لزيارته أربعة ملايين سائح سنوياً من مختلف ارجاء العالم.
ويعتبر من اجمل الاماكن السياحية في اسبانيا
ولابد من زيارته لأنه اهم مكان سياحي في الأندلس
تم حجز التذاكر عن طريق موقعهم على النت
حيث تجد صعوبة في الحصول على التذاكر في المواسم السياحية
ولله الحمد لم اصادف تلك الزحمة التي قرأت عنها لعامل التوقيت
وصلنا القصر ، وكان روعة وابداع لم اتوقعه بتاتاً
فعلاً كان من الجمال والترف الذي لم أشاهده في قصور العالم
القصر كان شاهد على :
"الترف والتبذير والركون إلى الدنيا وملذاتها وشهواتها ومغرياتها،
والخنوع والدعة والميوعة، والفسق والفجور وحب الدنيا وشهوة السلطة"
"يقول الله تعالى يحذرنا من مغبة الغفلة عنه:
{وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ أُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [الحشر: 19].
ولا أدل من غفلة أهل الأندلس عن الله والدار الآخرة في انشغالهم بعمارة القصور والتفنن في
زخرفتها وبنائها والتنافس فيها، وأشعار الغزل والرقص والترف والتبذير والمجون...
نسوا الله فأنساهم وتركهم لما انشغلت به أنفسهم عنه حتى كان تدميرهم تدبيرهم."
أترك لكم الصور تتحدث عن بعض ما رأيت في هذا القصر، وان كانت ليست كالطبيعة ،
واعذروني على كثرة الصور لأن لكل زاوية في اركان القصر تعتبر تحفة معمارية
"سقوط غرناطة آخر معاقل الإسلام في الأندلس، والتي بسقوطها سقطت دولة
الإسلام العريقة في الأندلس، وذلك بعد أكثر من ثمانية قرون كاملة من الحكم
الإسلامي لهذه البلاد
فقد خرج آخر ملوك المسلمين أبو عبد الله محمد بن الأحمر الصغير من القصر الملكي
في نكسة كبيرة وفي ذل وصغار، يسير بعيداً في اتجاه بلدة “أندرش”، حتى وصل إلى
ربوة عالية تُطل على قصر الحمراء يتطلع منها إليه، وإلى ذاك المجد الذي قد ولَّى،
ولم يستطع فيه الصغير أن يتمالك نفسه، انطلق يبكي حتى بللت دموعه لحيته،
حتى قالت له أمه «عائشة الحرة»:
أجل؛ فلتبكِ كالنساء مُلْكاً لم تستطع أن تدافع عنه كالرجال."
مسك الختام
انطوت صفحة عظيمة من التاريخ، وانتهت حضارة وصلت إلى أوج ازدهارها،
وخسر العالم حضارة الدين والدنيا في الأندلس،
وارتفعت راية النصرانية على أرضها،
وغربت شمس حكم المسلمين هناك بسبب مخالفة سنن الله في استمرار الأمم ورقيها،
فأصبحت حضارة الأندلس حصيداً حصدته سنن التاريخ جزاء وفاقاً.
وكما انطوت صفحة الأندلس العظيمة، حان لنا أن نطوي آخر صفحة من حكايتنا على خطى الأندلس ،
لنودع هذا المجد وذاك التاريخ الذي قد انتهى وضاع، وصارت الأندلسُ الفردوسَ المفقود..
نسأل الله ان يوفقنا ويوفق الجميع بما يحبه ويرضاه .
..